بإطلاق الهيئة ، وتكون دعوى الأقوائية مقيدة أيضا في تقديم إطلاق الهيئة على إطلاق المادة.
هذا تمام الكلام فيما إذا فرض كون القيد منفصلا أو متصلا.
وفي إطار البحث حول تعارض إطلاق المادة مع إطلاق الهيئة ذكر المحقق النائيني «قده» كلاما مفيدا ، خصوصا في بحث التعادل والتراجيح نستعرضه للفائدة.
وقد تقدّم معنا أن أحد الوجوه التي قدّم فيه إطلاق الهيئة على إطلاق المادة ، إنما كان بسبب أقوائية إطلاق الهيئة على إطلاق المادة ، وذلك تطبيقا لقانون متفق عليه في الأصول ، وهو أنه من صور الجمع العرفي بين الدليلين صورة تقديم الأقوى دلالة على الأضعف دلالة.
وفي بحثنا حول تعارض إطلاق المادة مع إطلاق الهيئة ، يبيّن المحقق (قده) نكتة حاصلها :
إنّ الدليلين المتعارضين (١) ، تارة يكون تعارضهما تعارضا بالذات ، بمعنى أنهما متكاذبين بلسانهما من قبيل أن يقول : «لا تكرم أيّ فاسق» ، ويقول في خطاب آخر : «أكرم الهاشمي» ، فهنا هذان الخطابان متعارضان تعارضا ذاتيا ، لأن قوله : «أكرم الهاشمي» ، يشمل «الهاشمي الفاسق» ، وقوله : «لا تكرم أيّ فاسق» يشمل «الهاشمي الفاسق» ، فينفي بهذا ، جواز إكرامه ، ومن هنا يقع التعارض الذاتي بن الدليلين.
وتارة أخرى يكون تعارضهما بالعرض ، وليس ذاتيا ، كما لو حصل هذا التعارض بالصدفة والاتفاق ، من قبيل أن يقول في دليل : «لا يضرّ الصائم ما صنع لو اجتنب ثلاث ـ الطعام والشراب والنساء» ، ويقول في دليل آخر. «المرأة لا تقضي صلاتها التي فاتتها أيّام عادتها» ثم إنّه علم صدفة من الخارج
__________________
(١) فوائد الأصول : الكاظمي ج ١ ص ١١٩ ـ ١٢٠.