البراءة عن الوجوب النفسي المحتمل للمقدمة ، وتجري أصالة البراءة عن الوجوب النفسي المحتمل لذي المقدمة.
المقام الثاني : هو فيما إذا كان عندنا ضدّان عرضيان ولهما ثالث ، من قبيل استقبال القبلة واستدبار القبلة ، فإنهما ضدان لهما ثالث ، وهو أن لا يستقبل ولا يستدبر ، وعلم إجمالا بأنه إمّا الاستقبال واجب ، وإمّا الاستدبار حرام ، وهذا العلم الإجمالي ينطبق عليه هذا القانون ، وذلك لأن مخالفة أحد الطرفين ، وهو حرمة الاستدبار ـ الذي يكون بالاستدبار ـ تكون مستلزمة لمخالفة وجوب الاستقبال دون العكس ، فإن مخالفة وجوب الاستقبال يكون بترك الاستقبال ، وترك الاستقبال لا يلزم منه استدبار القبلة ، إذ لعلّه يترك الاستقبال ولا يستدبر ، فهنا لا تجري أصالة البراءة عن حرمة استدبار القبلة لأن الاستدبار ملازم مع المخالفة القطعية ، فتجري البراءة عن وجوب الاستقبال بلا معارض.
المقام الثالث : هو ما إذا وجد عندنا أمران وجوبيان وكانا متغايرين ، وكان أحدهما أخص موردا من الآخر ، وعلم بوجوب أحدهما ، من قبيل أن نعرض وجود منارة في دار ، وعلم إمّا بوجوب استقبال المنارة عن قرب ، وإمّا بوجوب استدبار الدار التي فيها المنارة ، وهنا استقبال الدار التي فيها المنارة عن قرب يلزم الاستدبار ، ولكن الاستدبار لا يلزم من الاستقبال عن قرب ، إذ قد يستدبر حائط الدار التي فيها المنارة من خراج الدار ، فلو علم إجمالا بوجوب استدبار هذه الدار ، أو بوجوب استقبال المنارة عن قرب ، حينئذ يقال : إنّه لا تجري أصالة البراءة عن وجوب استدبار حائط الدار ، لأن ترك استدبار حائط الصحن مساوق للمخالفة القطعية على كل حال ، لأن من ترك استدبار حائط منارة الدار ، فقد ترك الاستقبال عن قرب ، بخلاف وجوب استقبال المنارة عن قرب ، فإن مخالفة الاستقبال لا يلزم منه ترك الاستدبار رأسا ، فتجري البراءة عن وجوب استقبال المنارة عن قرب بلا معارض ، وهذا إنما يكون في كل أمرين وجوديين متغايرين مورد أحدهما أخص من مورد