الثاني ، مع توطين نفسه على العقاب الأول ، وإن فرض أن المكلّف كان قد صلّى ثم توضأ بعد ذلك ، فهذا سوف لا ينفعه أصالة البراءة عن الوجوب النفسي للوضوء ، لأنه على أيّ حال هو معاقب ، وموطّن نفسه على العقاب الأول ، وإنما سوف ينفعه أصالة البراءة عن التقيّد ، فالانتفاع العملي في هذا الأصل في حال ، لا يجتمع مع حال الانتفاع العملي بالأصل في الطرف الآخر.
وبهذا يثبت على مبنى المحقق النائيني «قده» ، جريان الأصلين معا بلا معارضة.
إذن فالصحيح أن العلم الإجمالي في المقام غير منجز ، وبما ذكرناه تبيّن وجود ملاك للانحلال الحكمي ، وعدم منجزيّة العلم الإجمالي في الصورة الثانية ، بل وفي الصورة الرابعة.
وهذا الملاك للانحلال هو قانون كلّي للانحلال ، لا يختص بخصوص المقام ، بل يسري في مقامات عديدة.
والضابط الكلي لهذا القانون ، هو : إنّه كلّما تشكّل علم إجمالي بأحد تكليفين ، وكانت مخالفة أحد التكليفين مستلزمة لمخالفة الآخر ، لا محالة ، بخلاف العكس ، في مثل ذلك ، التكليف الذي تكون مخالفته مستلزمة لمخالفة الآخر لا تجري البراءة عنه ، لأنّ مخالفته مساوقة للمخالفة القطعية ، فلا معنى للتأمين عنه ، وتجري البراءة عن التكليف الآخر ، الذي لا تكون مخالفته مساوقة لمخالفة الطرف الأول ، بلا معارض.
وهنا استعراض لبعض المقامات التي ينطبق عليها هذا القانون :
المقام الأول : هي مسألتنا ، وهي فيما إذا علم بالوجوب النفسي للمقدمة أو لذي المقدمة ، فإنّ هذا القانون ينطبق هنا ، لأن الوجوب النفسي المحتمل تعلّقه بالمقدمة ، تكون مخالفته مستلزمة لمخالفة التكليف النفسي الآخر ، فإنّ من ترك المقدمة استلزم تركه هذا ، ترك ذي المقدمة أيضا ، إذن فلا تجري