فعليا عند المكلّف ليصلي أربع ركعات ، فيكون هذا من باب تأثير الموجود في الموجود.
وأمّا إذا كان شرط الوجوب متأخرا ، من قبيل صلاة يوم الأحد تكون شرطا في وجوب «صوم يوم السبت» ، فمعنى هذا : إنّ الشرط المتأخر للوجوب هنا ، قد أحدث احتياجا عند العبد لصوم يوم السبت. وهذا الاحتياج صفة تكوينية واقعية ثابتة ، بقطع النظر عن جعل المولى ، بناء على اعتقادنا من تبعية الأحكام للمصالح والمفاسد ، وعدم كونها جزافا وعبثا ، ومعنى هذا أن صلاة يوم الأحد مؤثرة في ملاك وجوب صوم يوم السبت ، أي مؤثرة في اتصاف الفعل بأنه ذو ملاك ومصلحة ، إذن فالاحتياج الذي هو صفة تكوينية معلولة لشرط الوجوب ، قد حدثت يوم السبت ، بسبب شرط الوجوب ، الذي هو صلاة ليلة الأحد ، وهذا تأثير للمعدوم في الموجود.
وقد يقرّر هذا المحذور بتعبير آخر ، فيقال : إن المكلف في آن طلوع الفجر عليه يوم السبت ، هو في واحدة من حالتين :
فإمّا أن يكون محتاجا إلى الصوم بحسب المصالح والمفاسد المولوية ، وأمّا أن لا يكون محتاجا إليه كذلك ، فإن فرض كونه غير محتاج إليه ، إذن فلا يجب عليه الصوم ، لأن الأحكام تابعة للمصالح والمفاسد. وإن فرض كونه محتاجا إلى الصوم ، فهذا الاحتياج إن لم يكن مربوطا ومعلولا لصلاة ليلة الأحد ، إذن فمعنى هذا ، أن وجوب صوم يوم السبت ثابت في حق جميع المكلفين من صلّى منهم ليلة الأحد ، ومن لم يصلّ ، لأن الكل يكون حينئذ محتاجا ، وهذا خلف كون الاحتياج صفة تكوينية معلولة.
وإن فرض كون هذا الاحتياج فجر يوم السبت مربوطا ومعلولا لصلاة ليلة الأحد ، إذن فهذا تأثير للمعدوم في الموجود ، والمفروض أن الموجود هنا ، وهو الاحتياج ، هو صفة واقعية تكوينية ، وهي أسبق رتبة من عالم الجعل والمجعول.