تعظيمين للمولى ، لكنّ الثواب الذي يدركه العقل ، لا يتكثّر بتكثر التعظيمات ، بل بتكثر ملاكات الثواب الانفعالي ، فمجموع التعظيمات التي تدخل في ملاك واحد ، تعتبر كلّها ملاكا واحدا لاستحقاق الثواب ، والدليل على ذلك هو النقض بالواجبات الارتباطية أيضا ، فإنه لو ذهبنا مذهب السيد الخوئي «قده» ، وقلنا : بأنّ الإتيان بالمقدمة كالوضوء ، «تعظيم» ، ثم الإتيان بالصلاة بعد ذلك «تعظيم» آخر ، فالحج كذلك : الإحرام فيه تعظيم ، والطواف تعظيم آخر ، والسعي تعظيم ، والتقصير تعظيم وهكذا ، كل هذه الأفعال حالها حال المقدمة ، كل واحد منها تعظيم وملاك مستقل للثواب ، فهل أنّ الوضوء إذا صار جزءا لا يكون تعظيما للمولى ، وإذا خرج عن كونه جزءا يكون تعظيما للمولى؟.
وحلّ هذا المطلب هو ما قلناه : من أنّ تعدّد الثواب المولوي ليس بتعدد أفراد التعظيم ، بل بتعدّد ملاك الثواب الانفعالي ، وما دام الثواب الانفعالي له ملاك واحد ، فالثواب المولوي له ملاك واحد يقتضي تعويضا واحدا ، وإن اختلف حجم العوض بحسب الجهد والمئونة المبذولة ، بلحاظ الأجزاء ، وبلحاظ المقدمات.
وبعد أن اتضح أن حجم العوض مرتبط بحجم الجهد المبذول ، نقول :
إنّ المقدمات تارة يؤتى بها بلا ربط بالمولى ، أي : من دون قصد ذي المقدمة ، ثم صدفة يقع منه الواجب النفسي ، فلا إشكال في أنّ مثل هذه المقدمة لا تساهم في تطوير حجم العوض.
ولو فرض أن هذه المقدمة أتى بها المكلّف بقصد التوصل إلى ذي المقدمة ، فلا إشكال في تأثيرها في حجم العوض ، فالحاج الآفاقي يكون ثوابه أكثر ، والحاج من نقطة بعيدة جدا يكون ثوابه أكثر من الحاج من نقطة أقرب.
وإنما الإشكال في «صغرى» في المقام ، وهي : إنّه هل يمكن للمكلف أن يتقرّب بالمقدمة ، أي : يأتي بها بقصد امتثال أمرها الغيري فقط ، دون قصد