امتثال الأمر الغيري بقصد التوصل إلى ذي المقدمة ، هو بنفسه ملاك وسبب لاستحقاق الثواب ، فكلّما كثرت المقدمات كثرت أسباب استحقاق الثواب ، فمن أتى بالمقدمة وبذي المقدمة ، استحق ثوابين ، ومن لم يكن لديه مقدمة وأتى بذي المقدمة ، استحقّ ثوابا واحدا.
وهذا المدّعى ، يقرّب تارة ، بشهادة الواجدان ، وذلك ، بأن الوجدان يقضي بأن كثرة المقدمات للوصول إلى ذواتها مثلا ، يكون سببا لكثرة الثواب ، وأخرى ، يقرّب بأن الثواب المولوي ، ملاكه تعظيم المولى ، وكل تعظيم للمولى يستحق عليه ثوابا ، والإتيان بالمقدمة بنفسه تعظيم للمولى ، فيستحق عليه ثوابا ، وإذا ضمّ إلى هذا الإتيان بذي المقدمة ، كان هذا تعظيما آخر فيستحق ثوابا آخر عليه ، وكلا التقريبين لهذا المدّعى غير تام.
أمّا التقريب الأول : فالوجدان فيه مقبول ، ولكنّ هذا لا ربط له بما هو محل النزاع ، فإنّ ما هو محل النزاع ، هو : إنّه هل يوجد حافزان وسببان للتعويض ، أو سبب واحد؟. أمّا ما هو حجم التعويض ، فالمشهور يسلّم بأن حجم التعويض لا بدّ وأن يتناسب مع الجهد المبذول من قبل المكلّف ، وليس بمعنى أن يكون التعويض كبيرا ، وإنّ أسبابه كثيرة ، وإنما معناه أن السبب الواحد والجهد الواحد الذي بذله المكلّف في تحصيل غرض المولى ، يتناسب مع هذا التعويض ويتناسب التعويض معه ، وإلّا نقضنا بالواجبات الارتباطية في المقام ، فلو أن الطواف وجب بنذر مثلا ، فإن من أتى به يثاب بأقل ممّا يثاب من أتى بكل أفعال الحج ، فهل هذا معناه أن الواجبات الضمنية تكون أسبابا مستقلة لاستحقاق الثواب ، ويتعدّد الثواب بتعددها؟. طبعا ، لا ، بل السبب واحد للتعويض ، لكن العوض المسبّب يقدّر حجمه بقدر ما بذله المكلف من جهد ، وهذا يتأثر بزيادة الأجزاء وبزيادة المقدّمات.
وأمّا التقريب الثاني : وهو أنّ الإتيان بالمقدمة ، تعظيم للمولى ، والإتيان بذي المقدمة تعظيم آخر.
هذا التقريب جوابه أن يقال : إن هذين الفردين من التعظيم ، وإن كانا