يكون مراده الحقيقي هو الصلاة ، ويكون الوضوء أمرا مقدّميا واقعا في طريق الصلاة.
وأمّا إذا تعاكست إرادة المولى مع إرادة العبد ، فأتى بالوضوء من حيث هو هو دون قصد الصلاة ، في مثل هذا ، لا يقع العبد موردا للمثوبة واستحقاق التعويض بنظر العقل ، لأنه لم ينزّل نفسه منزلة المولى كما هو مقتضى العبودية ، إذ المولى يريد منه الوضوء غيريا ، بينما ما أتى به العبد من وضوء ، إنما كان عن انقداح إرادة نفسيّة لهذا الوضوء. وهذا الوجه هو أحسن الوجوه وأمتنها في بيان التلازم.
وقد اعترض على هذا الوجه المحقق العراقي «قده» (١) ، حيث قال : بأنّ هذا الوجه منقوض بأن إرادة المولى للصلاة إرادة غيرية ، حيث أنه يريدها لأنّها معراج كل تقي ، وباعتبار الفوائد المترتبة عليها ، ولكن إرادة العبد لها نفسية ، فلو اشترطنا في العبد أن تتطابق إرادته مع إرادة المولى ، للزم عدم استحقاقه للثواب ، لأنّ أرادته للصلاة نفسيه ، مع أن إرادة المولى لها غيريّة.
وهذا النقض غير وارد. لأن المدّعى في صيغة هذا التقريب هو : إنّ لزوم التطابق بين كيفيّة إرادة العبد وإرادة المولى من حين تبدأ مولوية المولى. فهنا نقاط ثلاث ، الوضوء ، الصلاة ، الفائدة المترتبة على الصلاة.
والمفروض كما تقدّم في تعريف الواجب النفسي والغيري هو : إنّ المولى لم يعمل مولويته في الإلزام بالفائدة المترتبة على الصلاة ، وإن كانت هي مراده النفسي الحقيقي بما هو كائن عاقل ، لكن بما هو مولى فإن تمام مراده هو الصلاة ، بينما إرادته للفائدة المترتبة على الصلاة لم يعمل مولويته في تسجيلها على العبد ، وإنما بدأ تسجيله على العبد من الصلاة ، (كُتِبَ عَلَيْكُمُ
__________________
(١) مقالات الأصول : العراقي ج ١ ص ١١٤ المطبعة العلمية في النجف الأشرف ١٣٥٨ ه. بدائع الأفكار : الآملي ج ١ ص ٣٩٩ ـ ٤٠٠ المطبعة العلمية في النجف الأشرف.