وفيه ، أنّ هذا التصوير لا يدفع المحذور الذي أوردناه على التصوير السابق ، من أنه لا يعقل تعلّق الوجوب الغيري بالحيثيّة المذكورة بعد فرض كونها غير دخيلة في إيجاد ذي المقدمة ، ولو فرض ملازمتها مع المقدّمة الدخيلة في إيجاده ، فإنّ الوجوب لا يسري من الملازم إلى اللّازم.
* التصوير الثالث ، هو : ما أفاده المحقق العراقي «قده» ، (١) من تعلّق الوجوب الغيري بالحصة التوأم مع سائر المقدمات وذي المقدمة ، وتوضيح ذلك ببيان أمرين :
الأمر الأول : إنّ تعلق الأمر بشيء ، قد يكون بنحو الإطلاق ، وقد يكون بنحو التقييد بقيد مع خروج القيد ، ودخول التقيّد في موضوع الحكم ، وقد يكون بنحو خروج القيد والتقيّد ، وبقاء ذات المقيّد موضوعا للحكم ، كقولك :
«خاصف النعل هو الإمام» (ع) حيث لا خصوصية «لخصف النعل» في إمامة الذات المقدّسة أصلا ، وإنما موضوع الحكم المشار إليه هو الذات الشريفة.
الأمر الثاني : هو أنّ تعلّق الأمر بالمقدّمة بنحو الإطلاق خلف برهان المقدمة الموصلة المفروغ عن صحته ، وتعلّق الأمر بها مقيّدة بانضمام سائر المقدمات للوصول إلى ذي المقدمة معناه : تقيّد كل جزء من المقدمة بالأجزاء الأخرى ، وبالتالي توقف كل جزء على الآخر ، وهو دور مستحيل. ولهذا حكم باستحالة افتراض كون الجزء في الواجب النفسي المركّب أيضا ، مقيّدا بالأجزاء الأخرى ، فيتعيّن أن يكون الوجوب الغيري متعلّقا بالحصة التوأم من المقدمة التي هي نتيجة التقييد.
والجواب عن هذا ، ببطلان كلتا المقدّمتين.
أما الأولى : فلما تقدّم مرارا من عدم معقوليّة الحصة التوأم في باب
__________________
(١) مقالات الأصول : العراقي ج ١ ص ١١٥ ـ ١١٦.
بدائع الأفكار : الآملي ج ١ ص ٣٨٨ ـ ٣٨٩.