لأنه لا عقاب عليه كما تقدّم ، وإمّا باعتبار أن الإحراج بهذا المقدار ، واقع بلحاظ الواجب النفسي على كل حال.
وفيه ثانيا : أنه يمكن افتراض اختيارية الاختيار ، سواء فسّرناه بالإرادة ، كما عن المحقق الخراساني «قده» (١) ، أو فسّرناه بإعمال القدرة وهجمة النفس ، كما هو عند المحقق النائيني «قده» (٢) ، وذلك باختيار مقدماته من التأمل والبحث عن المصلحة ، ونحو ذلك ، فإنه بذلك ، يصبح إرادة الفعل الاختيارية ، إمّا بالإرادة والاختيار الموجود قبلها كما هو مسلك المحقق الخراساني «قده» (٣) ، حيث يشترط في اختيارية الاختيار وجود اختيار وإرادة قبله ، أو بنفسها ، كما هو مسلك المحقق النائيني «قده» ، حيث يرى أن اختيارية كل شيء غير الاختيار ، تكون بالاختيار ، ولكن اختيارية الاختيار تكون بنفسها ، لرجوع كل ما بالعرض إلى ما بالذات.
وعليه ، فيمكن الأمر الغيري بمجموع المقدّمات التي منها اختيار الفعل المساوق مع العلة التامة ، وهذا هو الجواب الذي اختاره المحقق الأصفهاني (٤) لرد الاعتراض المذكور.
غير أن الصحيح عدم تماميّة ذلك ، باعتبار ما تقدّم سابقا ، من أنّ تعلّق الإرادة بالإرادة مستحيل ، لأنّ الإرادة في الصور الاعتيادية ، لا تكون إلّا عن مصلحة في المراد ، فإذا كان الفعل المراد كامل المصلحة ، فهو يقتضي تحقّق إرادة الفعل ابتداء ، وإلّا فكما لا تتحقق تلك الإرادة ، لا تتحقق إرادتها أيضا ، لعدم ملاك فيها غير الملاك الطريقي الثابت في الفعل نفسه ، والذي افترض عدم تماميّته.
__________________
(١) نهاية الدراية : الأصفهاني ج ١ ص ٣٥٤ ـ ٣٥٥.
(٢) بدائع الأفكار : الآملي ج ١ ص ٣٩٢.
مقالات الأصول : العراقي ج ١ ص ١١٦.
(٣) كفاية الأصول : مشكيني ج ١ ص ١٠٠ ـ ١٩٠.
(٤) فوائد الأصول : الكاظمي ج ١ ص ٦٨ ـ ٦٩.