يكون ذلك الضد أوسع أو أضيق منه في المصطلح الفلسفي ، ولما ذا فصّل الأصوليون بين الضد العام والخاص ، وما هي النكتة التي اقتضت أن نرى الفعل من باب الضد العام على كلا القولين ، أو من باب الضد الخاص ، أو من باب الضد العام على أحد القولين ، والضد الخاص على قول آخر؟
فالضد العام يمكن أن نعبّر عنه بأحد تعبيرين ، حيث يمكن إدّعاء أن كليهما مساوق مع الوجدان القاضي بأنّ الأمر بالشيء يقتضي النهي عن ضدّه العام.
التعبير الأول ، يقال فيه : إنّ الضد العام هو الشيء الذي يكون معاندا للشيء الآخر ابتداء ، كمعاندة الترك للفعل ، ومعاندة الفعل للترك ، وليس في طول معاندة شيء آخر ، فإنّ كل شيء يعانده ابتداء عدمه ، وعدم كل شيء يعانده ابتداء معدومة ، وهذه معاندة ابتدائية.
ثمّ إنّ هناك معاندة أخرى تتوقف على هذه المعاندة ، وهي المعاندة بين الأمور الوجودية ، كالمعاندة بين أن يكون الإنسان سائرا في هذه الجهة ، وسائرا في تلك الجهة ، فالمعاندة الثانية مبتنية على المعاندة الأولى ، وهذه المعاندة الثانية هي المسماة بالضد الخاص ، ولو بطلت المعاندة بين الأمر الوجودي والعدمي ، بطلت المعاندة بين الوجودين.
وعليه يصح أن يقال : إنّه كلّما كان المعاند معاندا بالنحو الأول ، فهو ضد عام ، وكلّما كان معاندا بالعرض أي : بالنحو الثاني فهو ضد خاص.
التعبير الثاني : وهذا التعبير هو نفس الأول ، لكن نصوغه بتعبير آخر أصولي ، فنقول : إنّ كلّ شيئين متعاندين إذا أحضرهما الإنسان في نفسه ، فتارة يفرض أنه بالإمكان أن يحبّهما معا رغم تعاندهما ، غاية الأمر أنّه لا يمكن للعبد أن يأتي بهما معا ، وذلك ، كالكون في مكانين ، في مقام علي «ع» ومقام الحسين «ع» ، فإن الأمر بأحدهما لا يقتضي النهي عن الآخر ، وتارة أخرى ، يفرض أنّ المتعاندين سنخ متعاندين ، بحيث أنّ النفس البشرية تضيق عن