بالحمل الأوّلي كان عاريا عن الوجود ، فالحكم بالزوجية يلازم الماهية مع ملاحظة المفهوم بالحمل الأولي.
وهذا دليل على أنّ اللازم ثابت لنفس الماهية بقطع النظر عن الوجود ذهنا وخارجا.
وأمّا ما أثير من شبهة أنّ الماهية أمر اعتباري فكيف تكون موجدة للّازم؟ ، هذه الشبهة في غير محلها ، لأنّ لازم الماهية ، نسبته إلى الماهية ، نسبة الصفة إلى الموضوع ، لا نسبة المعلول إلى العلة ، فإمكان الإنسان ، موضوعه ، الإنسان ، وزوجية الأربعة ، موضوعها الأربعة ، ولكن ليست العلة هي الإنسان أو الأربعة ، لأنّ لوازم الماهية ليس لها وجود أصلا ، بل هي واقعيّة في نفسها غير موجودة ، إذ إنّ لوح الواقع أوسع من لوح الوجود ، فهناك أشياء واقعية بنفسها ، لا علة لها كالواجب بالذات ، غاية الأمر ، أنّ الواجب بالذات ، وجوده واجب ، لأنّه محض الوجود ، وأمّا الزوجية ، فهي بنفسها واجبة بالذات ، لا بوجودها ، بمعنى أن ثبوتها للموجود الذي هو الأربعة واجب بالذات ، بينما واجب الوجود بالذات ، وجوده واجب بالذات لأنّه محض الوجود ، فلا يلزم تعدّد واجب الوجود ، إذن فالزوجية صفة ثابتة ذاتيا بنفسها ، لا بوجودها فلا علة لها.
إذن فالصحيح ما عليه المشهور ، من أنّ لوازم الماهيّة هي التي تكفي نفس الماهية في وجودها ، بخلاف لوازم الوجود ، فإنه لا يكفي في وجودها إلّا وجود الماهيّة خارجا.
وأمّا أنّ لوازم الوجود مجعولة ، فلأن نسبتها إلى الملزوم نسبة المعلول إلى العلة ، فالحرارة مجعولة بالتبع ، لأنّ الله تعالى جعل النار بالمباشرة.
وأمّا لوازم الماهيّة فليست فيها معلوليّة ، فلا يكون فيها مجعولية ، وإنما هي أمور انتزاعيّة تكون الماهيّة منشئا لها ، ولذا يقال : إن لوازم الماهية مجعولة بالعرض ، بمعنى أنّ جعل نفس الماهيّة ، هو جعل للأربعة حقيقة ،