ونفس هذا الجعل ينسب إلى الزوجية عرضا ومجازا وانتزاعا ، وهذا غير مصطلح الجعل بالتبع ، فإنّه يطلق على لوازم الوجود بلحاظ جاعل ملزومها ، فالحرارة إذا قيست إلى النار ، فهي مجعولة بالأصالة ، وإذا قيست إلى خالق النار ، فهي مجعولة بالتبع والعرض.
وبهذا اتضح أنّ اللوازم على قسمين : لوازم ماهية ، ولوازم وجود ، والثانية نسبتها إلى ملزومها ، نسبة المعلول إلى العلة ، فهي مجعولة من قبل ملزومها بالمباشرة ، ومن قبل جاعل ملزومها بالتبع.
وأمّا الأولى ، فنسبتها إلى الماهيّة ، نسبة الأمر الانتزاعي إلى محطّ انتزاعه ، وهي ليست مجعولة أصلا ، فتكون مجعولة بالعرض والمجاز لا بالحقيقة.
وحينئذ ، إذا أتينا إلى محل الكلام ، نرى أن وجوب المقدمة ، بحسب ظاهر «الكفاية» ، نرى أنّه من لوازم الماهيّة ـ إن كان المحقق الخراساني «قده» يجري على الاصطلاح ـ وإنما استظهرنا كون وجوب المقدمة من لوازم الماهيّة ، لأنه عبّر عنه بالمجعول بالعرض ، ولم يعبّر بالتبع.
ولكن من الواضح ، أنّه من لوازم الوجود ، لتعدد الوجود خارجا ، وتعدّد الجعل تشريعا ، فإن الشوق النفسي إلى ذي المقدمة فرد من الشوق ، غير الشوق المتعلق بالمقدمة ، فهنا شوقان : أحدهما نفسي ، والآخر غيري.
ومعنى هذا ، أن وجوب المقدمة من لوازم الوجود لا الماهيّة ، إذ من دون وجود وجوب لذي المقدمة ، لا وجوب غيري ، لأنّ هذا يترشح من ذاك. فالتعبير بأنه مجعول بالعرض كما في «الكفاية» غير مفهوم.
ـ وأما النقطة الثالثة : وهي أنّه لو سلمنا الكبرى ، وهي اشتراط أن يكون المستصحب مجعولا للشارع ، وسلّمنا أنّ وجوب المقدمة من لوازم الماهية ، وأنه مجعول بالعرض لا بالحقيقة ، لو سلّمنا بكل هذا ، فهل يكفي ذلك في مقام الجواب ، بأن نقول : إنّه مجعول بالعرض؟. وهل هذا يكفي لدفع