يلزم أن يكون للمتأخر وجود ، ولكن كلّما فرض للمتأخر وجود ، كان للمتقدم وجود بالطبع.
وأقسام المتقدم بالطبع ثلاثة :
أ ـ القسم الأول : تقدم جزء الماهية بالنسبة إلى الماهية ، كما في الحيوانية ، فإنها متقدمة بالطبع على الإنسان ، فكلما فرض الإنسان كان الحيوان موجودا بالطبع دون العكس.
ب ـ القسم الثاني : تقدّم المقتضي على المقتضى ، دون العكس. فكلما فرض وجود المقتضى ، كان المقتضي موجودا متقدما بالطبع ، كما في فرض الاحتراق ، إذ كلّما وجد احتراق كان للنار وجود قبله بالطبع دون العكس.
ج ـ القسم الثالث : تقدم الشرائط ، فإنه كلما فرض احتراق فرض عدم رطوبة متقدمة بالطبع دون العكس. وهذا الميزان يأتي في ترك أحد الضدين مع هذه. فكلما فرض إزالة فرض عدم الصلاة ولا عكس إذ إنّ عدم الصلاة متقدم بالطبع بالنسبة إلى الإزالة ، ومن الواضح أن عدم الصلاة ليس جزء الماهيّة بداهة ، كما أنه ليس مقتضي ، إذن لا بدّ أن يكون من الشرائط الدخيلة في الإزالة ، فتثبت مقدّميّته. وهذا البيان غير تام ، لأنه مبني على الخلط بين اصطلاح المقدميّة في باب الحكمة ، وبينها في باب الأصول ، فالمقدميّة المراد إثباتها في الأصول هي كون ترك أحد الضدين جزء العلة لترك الضد الآخر ، وميزان التقدّم بالطبع كما يصدق على المقتضي وحده وجزء الماهيّة والشرط ، فكذلك يصدق على ما يلازم الشرط ، أو جزء الماهيّة أو المقتضي فهو متقدم بالطبع ، فكون ترك أحد الضدين متقدما بالطبع باصطلاح الحكمة مسلّم ، ولكن ليس معنى ذلك ، أنّ تقدّمه بمعنى أنه واقع في طريق الآخر وجزء من علته.
هذا مضافا ، إلى أنّه من قال بأنّ ترك الصلاة هو الشرط؟ بل لعلّه أمر ملازم مع الشرط.