وهذه الوجوه الثلاثة ، هي غاية ما يمكن أن يقال في تقريب المقدميّة دون أن يتم شيء منها.
وبهذا ، نكون قد استعرضنا مسلكين لمقولة : «إنّ الأمر بالشيء يقتضي النهي عن ضده الخاص» ، وهما : مسلك المقدميّة ، ومسلك التلازم ، وقد عرفت أن كلا منهما تتوقف صدق دعواه على ضمّ قاعدة ، أنّ الأمر بالشيء يقتضي النهي عن ضدّه العام.
نعم لو ادّعي ابتداء قانون ، أن التضاد بين الشيئين ، بحسب عالم الخارج ، يفرض تضادا مناسبا بحسب عامل الحكم أيضا ، بحيث يكون التضاد الخارجي مناسبا لتضاد مناسب بحسب عالم الجعل والحكم ، لو ادّعي هكذا ، حينئذ يكون هذا المدّعي في عرض مسلك «إنّ الأمر بالشيء يقتضي النهي عن ضدّه العام» ، دون أن يحتاج إلى افتراضه في المرتبة السابقة.
ثم إنّنا كنّا قد أبرزنا علاقة بين المسلكين ، وهي تمحور كلا المسلكين حول الضد الخاص ، ترك الصلاة ، والإزالة ، فكان يقال : إنّ الإزالة الواجبة تستلزم ترك الصلاة تطبيقا لمسلك التلازم ، أو كان يقال : بأن الإزالة تتوقف على ترك الصلاة تطبيقا لمسلك المقدميّة.
ولكن يمكن إبراز العلاقة نفسها بين كلا المسلكين ، ويكون محور تطبيقهما هو الضد العام ، فيكون التضاد بين ترك الإزالة الواجبة «الضد العام للإزالة» ، وبين فعل الصلاة ، مع بعض الفوارق ، فمثلا بالنسبة إلى المسلك الأول ، يدّعى أن الإزالة إذا وجبت حرم تركها أي : ضدها العام لاقتضاء الأمر بالشيء النهي عن ضده العام ، وهذا الضد العام ملازم لفعل الصلاة ، أي : ضدها الخاص ، وحيث أن الملازم يكسب حكمه من الملازم ، فيكون فعل الصلاة ـ الضد الخاص ـ حراما أيضا كحرمة ترك الإزالة.
وقد نوقش في تطبيق المسلكين على الضد العام ، حيث قيل : بأنّ هذا التطبيق تعتوره نقطة ضعف لم تك موجودة في البيان السابق ، وذلك أنّه في