الثانية ، التي برهن فيها على أن مقتضي المحال محال. فتماميّة كلا المقتضيين محال ، فالمانعيّة مستحيلة.
وهذا البرهان قد ناقشه السيد الخوئي «قده» (١) حيث قال : بأن المقدمة الأولى وإن كانت تامة ، وكذلك الثانية ، ولكن النتيجة تختلف عنهما ولا تلزمهما ، لأنّ مانعيّة السواد للبياض تفترض تماميّة المقتضيين ، وهذا ليس محالا ، وذلك لأنّ المحال ليس هو ذات البياض ، أو ذات السواد ، وإنّما المحال هو الجمع بين السواد والبياض ، ولا يوجد مقتض له ، لا توجّه مقتضيين نحو شيئين ، إذ مقتضي الضد الممنوع لا يقتضي إلّا وجود ذات الضد ، وهو ليس بمحال ، وإنما المحال اجتماع الضدين ، ففرق بين كون شيء «ما» مقتضيا للمحال ، وبين أن يقتضي شيء شيئا ، ويقتضي شيء آخر شيئا آخر ، ويكون اجتماعهما محالا.
وكلام السيد الخوئي يمكن دفعه على ضوء ما تقدم في البرهان الثالث حيث قلنا هناك : بأن مقتضي السواد ومقتضي البياض ، وإن كان كل منهما لا يقتضي عنوان الجمع ، وإنّما يقتضي كل منهما صاحبه ، لكن قلنا هناك : بأن مقتضي البياض مثلا ، إمّا أن يفرض أنه يقتضي البياض دائما في ظرف تحقق الضد الآخر ـ الأسود ـ وعدمه ، أو إنّه يقتضي البياض ويكون اقتضاؤه مشروطا بعدم السواد ، أو أنه يقتضي البياض والسّواد ، أي : مقتضيا للضد الذي لا يوجد الضد الآخر معه ، أي : بقدر ما يثبت من الضد ينفي الضد الآخر ، ويمنع عنه.
وهذا الشق الثالث معناه ، مانعيّة المقتضي عند وجود الضد ، اقتضاء أحد المقتضيين للضد في فرض وجود الضد الآخر كي يلزم المحال.
وهذا قد جعله الميرزا «قده» (٢) برهانا مستقلا يشبه البرهان الأول.
__________________
(١) محاضرات فياض : ج ٣ ص ١٤ ـ ١٥.
(٢) فوائد الأصول : الكاظمي ج ١ ص ١٧٨.