المقتضي بحصة يكون بها تام الاقتضاء والمؤثرية في المعلول ، وبهذا يكون إعدام الشيء مستندا إلى وجود المانع.
وبهذا يكون دور المانع هو المزاحمة والمدافعة ، فهو يؤثر في دفع المقتضي عمّا يقتضيه ، وحينئذ يتضح أنّ مانعيّة المانع لا تنتهي النوبة إليها إلّا بعد الفراغ عن وجود المقتضي تام الاقتضاء في نفسه ، وإلّا فما ذا يزاحم المانع؟ فالمانعيّة منوطة بتماميّة المقتضي ومن دونها يستحيل وجود مانع.
ب ـ المقدمة الثانية : هي إنّ مقتضي المحال محال ، بمعنى أنه يستحيل أن يوجد مقتضي يقتضي المحال.
وهذه القضية التي ذكر «قده» أنّها مفروغ عنها ، هي إمّا أن تعتبر قضيّة بديهيّة ، فتؤخذ كمصادرة أوّلية على المطلوب ، وإمّا أن تقرّب ، بأنّ المحال بالذات يستحيل أن يفرض له مقتض ، أو غيره من أجزاء العلة ، لأنّ هذه الأجزاء وظيفتها إخراج الشيء من عالم الإمكان إلى عالم الفعل والوجود والتحقق ، فما لا يكون في ذاته ممكنا ، فلا داعي لتصدي أجزاء العلة لإخراجه إلى عالم الوجود ، ففرض أيّ جزء من أجزاء العلة ، لكي تكون مقتضيات للمحال ، محال إذن.
وبعبارة أخرى ، إنّ ما يكون بذاته مستحيلا ، فليس في ذاته إمكان ليخرج إلى عالم الوجود.
فإذا تمّت هاتان المقدمتان ، وتبرهن ما فيهما ، حينئذ يقال : بأنّ الخصم الذي يدّعي أن السواد مانع عن البياض ، هذه المانعية لا بدّ أن تفرض في ظرف وجود السواد الذي هو ظرف تماميّة مقتضيه ، كما لا بدّ أن تفرض في ظرف تمام مقتضي البياض الممنوع ، كما في المقدمة الأولى.
وهذا معناه ، إنّ مانعيّة السواد للبياض ، تتطلب مسبّقا افتراض تماميّة المقتضي لكلا الضدين ، وهذا يلزم منه تماميّة المقتضي للمحال ، لأنّ المقتضيين بمجموعهما يقتضيان اجتماع الضدين ، وهو محال بحكم المقدمة