وبهذا يتضح ، أن هذا البرهان إنّما يتم فيما إذا قبلنا هذا الأصل الموضوعي ، وهو كون استحالة اجتماع الضدين بملاك آخر وراء ملاك وجود المعلول بلا علة ، وأمّا إذا كنّا نقول : بأنّ هذه الاستحالة بينهما من قبيل اجتماع الحرارة مع عدم البرودة ، أو من قبيل عدم المانع لا جزء المقتضي ، حينئذ لا يتم هذا البرهان ، في حين أننا لا نملك سوى هذا الأصل الموضوعي برهانا.
٥ ـ البرهان الخامس : وهو ما أفاده المحقق النائيني «قده» (١) ، وهو يتركّب من مقدمتين :
أ ـ المقدمة الأولى : هي إنّ الشيء إنّما يستند عدمه إلى تأثير المانع بعد فرض تماميّة المقتضي وشرطه ، فمثلا ، الرطوبة في الثوب ، لا تكون مانعة من الاحتراق ، إلّا بعد وجود النار ، وتحقّق المماسة بينها وبين الثوب ، حينئذ يقال : إنّ عدم الاحتراق يستند إلى الرطوبة ، وأمّا مع عدم النار أو عدم المماسة ، يكون عدم الاحتراق مستندا إلى عدم المقتضي ، أو عدم شرطه ، لأنّ الشيء يستند إلى أسبق علله.
إذن فلا يصح إطلاق المانع على الرطوبة وحدها مع عدم وجود النار ، أو المماسة ، لأنّ رتبة المانع متأخرة عن رتبة المقتضي والشرط ، إذ لا يقال للشيء أنه مانع إلّا بعد وجود المقتضي والشرط ، وذلك ببرهان أنّ دور المقتضي هو إفاضة وجود المعلول ، فيكون الموجب لعدم الترشح والإفاضة هو وجود المانع.
وهذا المعنى للمانع لا يتحقق إلّا بعد فرض وجود المقتضي بما له من الشرائط ، عند ذاك ، تصل النوبة إلى المانع ، وبهذا يكون دور الشرط تحصيص
__________________
(١) فوائد الأصول : الكاظمي ج ١ ص ١٧٦ ـ ١٧٧.