يتوقف هذا على رفع السواد وعدم بقائه ، ولكن بقاء السواد لا يتوقّف على عدم حدوث البياض.
إذن فالضد الموجود ، لا يتوقف على عدم الضد المعدوم ، وإنّما حدوث الضد المعدوم يتوقف على ارتفاع الضد الموجود ، كما في المثال ، فإنّ خلوّ الجسم عن البياض والسواد فيه ، لا موجب لتوقف وجود أحد الضدين فيه على عدم الآخر.
نعم قد تقدّم ، أنّه لو فرض كون الجسم أسود وأريد تبييضه ، حينئذ ، يتوقف تبييض الأسود على رفع السواد عنه ، هنا يكون حدوث البياض متوقفا على ارتفاع السواد الموجود على الجسم.
وهذا التفصيل ، غير مندفع ببعض البراهين السابقة مطلقا ، كالبرهان الثالث وبرهان الدور ، حيث أنهما لا ينفيان دعوى التوقف بين الضدين ، لأنّه لا يلزم الدور من توقف الضد المعدوم على عدم الضد الموجود ، كما أنّه لا يلزم مانعيّة المتأخر رتبة عن الممنوع ، كما هو روح البرهان الثالث ، حيث لا يكون المانع ـ وهو الضد الموجود بقاء ـ متوقفا على عدم الضد المعدوم ، كي يلزم شيء من ذلك المحال والتهافت.
وبعض تلك البراهين السابقة ، كالبرهان الخامس ، يدفع وينفي هذا التفصيل مطلقا ، لأنّه كان يفترض أنّ اجتماع الضدين ممتنع بالذات ، وعليه يستحيل افتراض المانع لما هو ممتنع بالذات.
ومن الواضح أنّ هذا لا يفرّق الحال فيه بين مانعيّة الضد الموجود عن المعدوم أو مانعيّة مطلق الضد.
وتبقى بعض البراهين ، كالأول والرابع ، معلّقة في اندفاعها وعدم اندفاعها على وجود نكتة ، وهي كون الوجود البقائي بحاجة إلى العلّة كالوجود الحدوثي ، فإنّه لو قبل هذا القانون ـ كما ذكرنا ذلك في فلسفتنا ـ حينئذ يكون بقاء الضد الموجود أيضا في طول مانعيّة مقتضيه ، وحينئذ تستحيل مانعيته