موجب للاختصاص بالقادر ، وإنّما قلنا بالاختصاص بحكم العقل.
٢ ـ المسلك الثاني : هو أنّ القدرة إنما هي شرط ، باعتبار استدعاء طبيعة التكليف للتوجه نحو المقدور ، إذ يستحيل التوجه نحو غير المقدور ، بل حتى أن الأشعري (١) الذي يرى صحة التكليف بغير المقدور ، يقول بهذا ، وذلك لأنّ التكليف متقوّم بجعل الداعي والتحريك ، ومن الواضح أن جعل الداعي لا يعقل إلّا أن يقع تحت اختيار الآخر ، إذن فالتكليف بطبعه يستدعي التوجه نحو المقدور ، لأنّ روح التكليف هو جعل الداعي ، وهو يساوق الاختيار ، ويكمل الميرزا «قده» فيقول : وحينئذ لو بنينا على الأول يتم كلام المحقق الثاني «قده» ، ويكون التكليف حينئذ مشروطا بالقدرة ، بقرينة عقليّة وهي حكم العقل بقبح تكليف العاجز على القول بالاقتضاء وبأنّ الأمر يتعلق بالجامع بين الفرد المقدور وغير المقدور ، أي : بين المزاحم وغير المزاحم.
وهنا لا محذور في ذلك ، لأنّ المحذور هو قبح تكليف العاجز ، ولا قبح بهذا التكليف لأنه لا إحراج فيه للعبد ، إذ تكفي القدرة على بعض أفراد الواجب الموسّع حيث ، يبقى تعلّق التكليف بالجامع بين الفرد المزاحم وغيره من الواجب الموسّع ، معقولا ، إذ لا يلزم منه محذور قبح تكليف العاجز ، وبهذا يكون الفرد المزاحم فردا من المأمور به أيضا ، وعليه فيصح وقوعه عبادة.
وأمّا بناء على المسلك الثاني ، وهو : اعتبار كون القدرة شرطا في التكليف ، باعتبار أنّ طبيعة التكليف تقتضي التوجه نحو المقدور ، لأنّ التكليف هو عبارة عن جعل الداعي ، وهو لا يكون إلّا بلحاظ المقدور ، لأنه هو الذي يعقل جعل الداعي إليه.
بناء على هذا ، حينئذ ، لا محالة من كون التكليف يخصّص متعلّقة بخصوص الحصة المقدورة ، وحينئذ لا يبقى للجامع إطلاق وشمول للفرد
__________________
(١) مقالات الإسلاميين : الأشعري ج ١ ص ٣٣٠.