المحذور أخذ العزم على عصيان الأهم في موضوع الأمر بالمهم ، إذ إنّ تلك النكتة عينها وهي كون موضوع المهم هو عصيان الأهم ، وحينئذ فإنّ مجرد الأمر بالأهم يقتضي بذاته هدم وطرد عصيان نفسه أولا وبالذات ، ومع عدم طرد العصيان يصبح الأمر بالمهم فعليا ، وبه يرتفع محذور المنافاة والمطاردة بين الأمرين بالضدين للطولية بينهما حينئذ.
أمّا لو أخذ «العزم» على عصيان الأهم شرطا في موضوع المهم ، أو فقل بالتعبير السلبي ، لو أخذ في موضوع المهم عدم البناء ـ الذي هو «العزم» ـ على امتثال الأهم ، فإنّ هذا لا يقتضي بذاته طرد وهدم الأمر بالمهم ، لأنّ الأمر بالأهم إنّما يقتضي طرد نقيض متعلّقه الذي هو العصيان ، وإيجاد ذات متعلقه وهو ذات الفعل الأهم ، ونقيض متعلّق الأهم هو «العصيان» دون «العزم» ، إذ إنّ الأهم لا يقتضي بذاته طرد وهدم «العزم» على عصيان الأهم أي : «العزم» على تركه ، وإلّا فإنّه لو أخذ «العزم» على «العصيان» شرطا في موضوع المهم ، فإنّه حينئذ ، يفقد الترتّب نكتته المستدعية لإمكانه ، إذ لعلّ المكلّف «يعزم» على عصيان الأهم ولكنه «يبدو له» فلا يعصيه ، فإنّه حينئذ لا يكون الأمر بالمهم فعليا.
وما ذكره المحقق الميرزا «قده» غير صحيح ، وفيه مواقع للنظر :
١ ـ الموقع الأول : هو إنّ الأمر بالأهم لا يكون مقتضيا للفعل أو للترك ابتداء ، كما هو الحال في المقتضيات التكوينية ، فإنّه فيها الأمر كما ذكر ، فإننا عند ما نجر شخصا بيدنا لنجعله يمشي ، فإنّ يدنا مقتضيا تكوينيا لمشي الشخص.
لكن الأمر في محل الكلام ليس كما ذكر ، فإنّ الأمر بالأهم في المقام ، إنّما يكون محركا لإرادة المكلّف ، وباعثا وداعيا في نفسه ، إذن مقتضاه الأول هو إيجاد الداعي ، والعزم على إيقاع الفعل ، وعدم إيقاع الترك ، بمعنى أنّ مقتضاه طرد عدم العزم على إيجاد متعلقه ، أو طرد العزم على عصيان متعلقه ، أولا وبالذات.