إذن فدعوى أنّ ما يقتضيه الأمر بالأهم بذاته هو ذات الفعل والمتعلق ، إنّما هو قياس للأمر على المقتضيات التكوينيّة ، بل إنّ ما هو مقتضى الأمر الأولي ، إنّما هو اختيار الإنسان.
وعليه فيمكن القول : إنّ الأمر بذاته يتطلب «بناء العزم» على الامتثال.
٢ ـ الموقع الثاني : هو أن ما أشار إليه السيد الخوئي «قده» (١) من أن هذا المطلب ، وهو أخذ العزم شرطا ، لا يتم إذا كان الأهم عباديا ، بحيث تكون الإرادة والاختيار دخيلة ومأخوذة في الواجب العبادي الأهم.
وحاصله ، هو : إنّنا لو سلّمنا ـ قطع النظر عن الأول ـ وفرضنا أنّ الأوامر التوصليّة ، لا تقتضي إلّا إتيان متعلقها ، فكل أمر لا يقتضي إلّا إيجاد متعلقه ، وطرد نقيض متعلقه ، حينئذ نقول :
إنّ العزم والإرادة جزء المتعلّق في باب العبادات ، إذن فيكون الأمر مقتضيا «للعزم».
بل يمكن أن نسلك ما سلكه الميرزا «قده» (٢) من أنّ الاختيار دائما يكون قيدا في متعلق الأمر ، لأنّ التكليف يقتضي بطبعه تخصيص متعلقه بالحصة الاختيارية.
وعليه ، فيكون الأمر مقتضيا بذاته «للعزم» والاختيار ، وطاردا ذلك حتى في الواجبات التوصليّة.
٣ ـ الموقع الثالث : وهو الأساس في الجواب ، وهو : إنّ نكتة إمكان الترتب لا تتوقف على كون الأمر بالأهم مقتضيا بذاته لطرد موضوع الأمر بالمهم ، وإنّما نكتة إمكان الترتب محفوظة بمجرد صدق اقتضاء الأمر بالأهم ، أمرا يساوق طرد موضوع الأمر بالمهم ، أو يقتضي إيجاد شيء ينافر المهم ،
__________________
(١) محاضرات فياض : ج ٣ ص ١٥٠.
(٢) فوائد الأصول : ج ١ ص ٢٢٤.