المهم ، حينما لا يكون هناك أمر بالمهم ، إذ الأمر بالمهم فرع عصيان الأهم ، فلو كان الأمر بالأهم مانعا عن تأثير المهم لكانت هذه المانعيّة في ظرف وجود الأمر بالمهم ، والمفروض أنّ ظرف وجود المهم هو فرض تماميّة موضوعه الذي هو ترك وعصيان الأهم ، ومعنى هذا أنّ الأهم محروم ومعدوم في نفسه في فرض وجود المهم.
ومن الواضح حينئذ ، أنّ المقتضي المعدوم والمحروم في نفسه ، ليس له اقتضاء ، فلا يكون مزاحما ، لأنّ المزاحمة إنّما تكون بين مقتضيين لهما تأثير ، وليس بين مقتضيين أحدهما محروم عن التأثير والاقتضاء في نفسه ، إذ مثله يستحيل أن يكون مانعا ومؤثرا في غيره ، إذ فاقد الشيء لا يعطيه ، والمعدوم لا يؤثر في غيره.
ونتيجة هذا إنّ مانعيّة الأمر بالأهم للمهم مستحيلة.
وبهذا يتبرهن استحالة مانعيّة كلا الأمرين «بالأهم والمهم» للآخر ، فيما إذا كان الأمر بالمهم موقوفا ومشروطا بترك الأهم على نحو الترتب ، ومعه لا تصادم ، ولا تزاحم بين الأمرين في مقام التأثير.
وحيث أننا قلنا بعدم المحذور سوى التزاحم ، وحيث أنّ التزاحم هنا غير ثابت بينهما ، إذن فلا محذور مطلقا.
٢ ـ البيان الثاني : وهو تصعيد للبيان الأول ، وهو مبني على ما حقّقناه وبنينا عليه في بحث الواجب المطلق والمشروط.
وخلاصة هذا المبنى هو : إنّ الإرادة المشروطة والوجوب المشروط ، روحه يرجع إلى إرادة مطلقة للجامع بين إيجاد الفعل توأما مع الشرط ، أو إعدام الشرط ، فمثلا ، وجوب إحضار الماء على تقدير العطش ، وإن كان بحسب صياغته وجوبا مشروطا ، لكن برهنّا هناك على أن كل مشروط مرجعه إلى وجوب تخييري مطلق ، متعلق بالجامع بين الفعل مع الشرط ، وبين نقيض