إحراز المكلف لموضوع الأمر الترتبي ، حيث أنه يحرز أنه مسافر ، وأنه ترك القصر ، وأنّ الواجب عليه هو التمام ، فيمكنه إحراز هذه الأجزاء واحدا واحدا ، ولكن مع هذا ، فإنّ جواب السيد الخوئي «قده» ، لا يحل الإشكال ، لأن المكلّف ، وإن أمكنه إحراز أجزاء الموضوع ، إلّا أنه لا يمكنه أن يحرز أنه مخاطب بخطاب ترتبي متعلق بالتمام ، على تقدير ترك القصر ، وإنّما هو يعلم أنه مخاطب بالتمام خطابا أوليا ، لا ترتبيا ، أو فقل ، إنّ المكلف يمكنه أن يحرز ذوات أجزاء موضوع الأمر الترتبي ، ولكن لا يعلم بكون هذه الأجزاء أنها هي موضوع الخطاب الترتبي ، بينما وصول الحكم لا بدّ فيه من إحراز موضوع الخطاب ، بما هو موضوع ، والمكلف في المقام لا يمكنه ـ عند تركه للقصر ـ أن يحرز كون هذا الترك موضوعا للأمر الترتبي ، وذلك لأنّ هذا المكلّف ، إمّا أن يفرض أنه عالم بالقصر ، أو جاهل ، والأول يخرج الفرض عن محل الكلام ، والثاني لا يمكن معه إحراز الخطاب الترتبي ، فيعود الإشكال ، وهو عدم وصول مثل هذا الخطاب الترتبي ، وحينئذ فلا معنى لجعله.
وعليه ، فالصحيح تماميّة هذا الإشكال.
٤ ـ الإشكال الرابع : ممّا قد يرد في المقام هو : إنّ الخطاب الترتبي بالتمام ، إمّا أن يكون في موضوعه ترك القصر في تمام الوقت ، أو ترك القصر ولو آنا «ما» (١) ، فإن أخذ الأول : فمعنى ذلك أن المكلف ، لو صلّى تماما ، ثم علم أثناء الوقت بوجوب القصر ، فيلزم حينئذ تنجز القصر عليه ، لأنّ وجوب التمام فرع عدم الإتيان بالقصر في تمام الوقت ، وهذا الموضوع لم يتحقق ، لأنّ المفروض بقاء الوقت ، وحينئذ يتنجز عليه القصر ، وتخرج الصلاة التامة عن كونها مطلوبة وصحيحة.
وهذا خلاف الفتوى الفقهية المفروغ فيها عن صحة الصلاة التمام ،
__________________
(١) فوائد الأصول : الكاظمي ج ١ ص ٢٢٥.