وبهذا يتبيّن أيضا ، إن الإرادة التشريعية لا يمكن أن تكون بنحو الواجب المعلّق ، لأن الواجب المعلّق يلزم منه انفكاك الإرادة عن المراد ، حتى في حق أشدّ الناس إطاعة لمولاه ، فلو وجب «الصوم» من عند الغروب ، لكنه مقيّد «بالطلوع» فإن أشدّ الناس انقيادا لمولاه لا يمكنه الالتزام ، إذن فقد انفكت الإرادة عن المراد في حق المنقاد للمولى ، وهذا على حدّ انفكاك الإرادة التكوينية عن المراد.
وفي مقام مناقشة كلتا المقدمتين ، نجد في المقدمة الأولى القائلة ، باستحالة انفكاك المراد التكويني عن الإرادة التكوينية ، بينما يلزم الانفكاك بينهما في الواجب المعلّق ، نجد في هذه المقدمة مغالطتين أو مناقشتين.
١ ـ المناقشة الأولى : هي أن تحريك العضلات لو فرض أنه قد تعلّق به شوق المريد ، تعلقا مطلقا ، من دون قيد ، حينذاك يتم برهان المانعين من الواجب المعلّق ، ما دام الشوق المتعلّق بتحريك العضلات غير مقيّد بوقت أو زمان مخصوص ، وهو كامل ، إذن لما ذا لم يحرّك ، وطبعا ليس لعدم المقتضي بعد أن فرضناه موجودا ، وليس لعدم الشرط ـ وهو الوقت ـ المتمّم لفاعلية الفاعل ، لأن الشوق كامل ، والوقت ليس من عوارضه وشئونه لكي يكمّله ، ولا متمما لقابلية القابل ، لأن القابل ـ وهو القوة العضلية ـ تام القابلية للتحريك ، فهذا البرهان يتم.
إذن فهذا البرهان يتم ، لكن في طول افتراض كون الشوق متعلّقا بالتحرك العضلي على الإطلاق ، لا بتحرك مقيّد بقيد غير مقدور ، وغير حاصل الآن ، ومن أجل ذلك ، لا يصح هذا برهانا على عدم التقييد.
وأمّا لو فرضنا بأن الشوق قد تعلّق بتحريك العضلات المقيّد «بطلوع الفجر» ، حينئذ نقول إنّه لا يمكن تحريك العضلات ، وليس ذلك لانفكاك المعلول عن العلة ، بل لأن العلة لم تتم ، وليس ذلك لفقد المقتضي ، بل لفقد الشرط ، وهو الوقت ، ذلك لأنّ الوقت دخيل في قابلية القابل ، فإن القوة