باعثا بالإمكان فعلا في أول آنات الزوال؟.
وهنا لا إشكال في أنه ليس باعثا بالإمكان فعلا ، باعتبار مقدمته وهي الوضوء ، غير موجودة ، فالانبعاث فعلا نحو الصلاة المقيّدة بالوضوء ، غير معقول ، وإنما الذي يعقل الانبعاث نحو الوضوء ، ومن ثمّ الانبعاث نحو الصلاة.
إذن فكما أنه لا يعقل في أول الغروب الانبعاث إلى الصوم المقيّد بطلوع الفجر فعلا ، كذلك لا يمكن الانبعاث في أول الزوال نحو الصلاة المقيّدة بالوضوء قبلها ، وإذا لم يمكن الانبعاث ، فلا يمكن صرف عنوان الباعث بالإمكان على هذا الطلب ، وقد التفت المحقق الأصفهاني (١) إلى هذا النقض ، وحاول دفعه في «حاشيته على الكفاية» ، ثم التفت إلى أن هذا الدفع غير تام ، فحاول دفعه في حاشيته على حاشيته ، دون أن يجدي ذلك نفعا في دفع ما ذكرناه من نقض.
وتوضيح ذلك هو إنّه إذا اشترطنا في حقيقة الحكم الباعثية بالإمكان ، إذن فحيث لا باعث بالإمكان ، فلا حكم ، وهذا معناه ، اشتراط إمكان الانبعاث فعلا ، لأن إمكان الباعثية مساوق مع إمكان الانبعاث ، ومن هنا يقع الكلام في أنه ما المراد بهذا الإمكان للانبعاث؟.
ونحن نعرف أن الإمكان الذاتي ، مقابل للامتناع الذاتي وأن الإمكان الوقوعي مقابل للاستحالة الوقوعية ، وأن الإمكان بالغير مقابل للامتناع بالغير ، كما عرفنا أيضا الإمكان الاستعدادي.
والآن نسأل : أنه ما هو المراد من الباعثية بالإمكان هنا؟.
وقد أوضح المحقق الأصفهاني (٢) في حاشيته ، إنّ المراد من الإمكان ،
__________________
(١) نهاية الدراية : ج ١ ص ٣٠٤ ـ ٣٠٥ ـ ٣٠٦.
(٢) المصدر السابق.