ومن الواضح أن الإنشاء والطلب الفعلي ، يكون من مقدمات وجود المشتاق إليه ، سواء أكان من أول لحظات فعليته يتصف بالباعثية بالإمكان ، أو على امتداد الزمان يتصف بالفاعلية بالإمكان بلحاظ مجموع الظرف الذي يمتد فيه يتصف بذلك ، فإن المسألة هنا مسألة نكات معنوية.
والنكتة المعنوية هنا هي : إنّ العقل يرى أن المولى إذا اشتاق إلى صلاة عبده ، فإن هذا الشوق يقع موضوعا لحكم العقل بوجوب الامتثال فيما إذا حرّك هذا الشوق نفس المولى إلى بعض مقدمات هذه الصلاة.
ومن الواضح أن إيجاد إنشاء في معرض الباعثية ، ولو لم يكن بالفعل باعثا ، فإن هذا مقدمة من المقدمات ، وهذا يكفي في تحقق موضوع حكم العقل على العبد بوجوب الامتثال ، والانبعاث في وقت الواجب.
وبهذا يتضح ، عدم تماميّة البرهان على أن هذه الإرادة التشريعية ، لا تصدق ، إلّا إذا كان شوق المولى شوقا تكوينيا ، يحرك عضلات المولى نحو ما هو باعث بالإمكان فعلا.
وإنما المطلب ، أن العقل يحكم بوجوب امتثال وتنفيذ أشواق المولى التي تحرك المولى نفسه ، أمّا الأشواق التي لا تحرك المولى ، فلا يحكم العقل بوجوب امتثالها ، بل يكفي في محركية شوق المولى للمولى إيجاد المقدمة المناسبة له ، سواء أكانت هذه المقدمة ممّا هو باعث بالإمكان ، أو ممّا هو في معرض أن يكون باعثا ، ما دامت تتصف بصفة المقدميّة.
وأمّا الجواب النقضي على برهان استحالة الواجب المعلّق ، وأن الوجوب ليس باعثا بالإمكان ، النقض عليه بغير موارد الوجوب المعلّق ، بل بموارد الواجب المنجّز ، فيما إذا كان الواجب المنجّز مقيدا بفعل زماني لا بدّ وأن يقع قبله زمانا ، من قبيل الأمر بالصلاة المقيّدة بوقوع الوضوء قبلها ، فإن هذا الوجوب يكون فعليا في أول آنات الزوال بلا إشكال.
وحينئذ نسأل : إنّ هذا الوجوب هل هو باعث بالإمكان فعلا ، أو ليس