أمّا حلا : فإن قوله إنّ الشوق إلى فعل الغير لا يكون إرادة تشريعية إلّا إذا ترشح منه شوق تكويني يحرك عضلات المولى نحو تحريك العبد ، وبعثه إلى ما يشتاق إليه ، هذا الكلام صحيح ، بمعنى أننا في المقام لا نبحث في أن الإرادة التشريعية ، بحسب مفهومها اللغوي ، أو العرفي ، أو الفلسفي ، هل هي متقومة بهذه النكتة ، أو غير متقومة بها ، لأن البحث ليس في مداليل الألفاظ ، ولا في حقائق الأشياء ، وإنما نبحث في أنه ما الذي يقع موضوعا لحكم العقل بلزوم الامتثال من أشواق المولى.
ومن الواضح ، أن موضوع حكم العقل بلزوم الطاعة والامتثال ، إنما هو كل شوق مؤكّد ، يحرّك المولى نحو أن يطلب من العبد أن يتحرك عنه.
أمّا الشوق الذي لا يحرّك المولى نحو أن يطلب ، فهو شوق لا يجب على العبد أن يتحرك عنه.
إذن ، فشوق المولى إنما يصبح موضوعا لحكم العقل بلزوم الامتثال ، عند ما يكون شوقا بدرجة مستتبعة لشوق من المولى ، وتحرك منه نحو المقدمات المربوطة به ، وهي طلبه وجعله وإنشاؤه ، وما لم يبلغ شوق المولى درجة تحرّكه نحو ما يشتاق إليه ، فإن العقل لا يحكم على العبد بوجوب الطاعة والانبعاث في وقت الواجب ، لأن غاية ما تقتضيه العبودية في نظر العقل ، هو أن تكون عضلات العبد وقواه كأنها عضلات المولى وقواه ، لأنها امتداد للمولى ، والمفروض أن المولى لم يتحرك ، وحينئذ لا بدّ من البحث في أنه هل يشترط في شوق المولى المحرّك لعضلاته ، والمحرّك بالتالي للعبد ، هل يشترط فيه أن يكون محركا للعضلات نحو ما يكون باعثا بالإمكان من حين وجوده ، أو أنّ ما تقتضيه هذه النكتة ، هو أن يكون الشوق محركا للمولى نحو ما يصدق عليه أنه من مقدمات وجود المطلوب خارجا؟.
ومن الواضح أن هذه النكتة غاية ما تقتضيه هو أن المولى يتحرك من ناحية هذا الشوق للإتيان ببعض مقدمات وجود المشتاق إليه.