مؤذ للناس يضربهم بالسوط ويهينهم! ولذا فهو يعلن توبته ويدعو لمن ظلمهم وأساء إليهم من الفراعنة والأبالسة ، بهذا الخير الطويل العريض!!
وقد حيّرت هذا الروايات بعض الفقهاء مثل البيهقي .. لأن لعن الذين لعنهم النبي صلىاللهعليهوآله ما دام بأمر الله تعالى فهو طاعة وليس معصية ، لأن الطرد من رحمة الله تعالى إنما هو جزاء من الله ورسوله تابع لقوانين عادلة يتحمل مسئوليتها الملعون نفسه ، فلا يحتاج لعنه الى توبة .. كما لا يجوز الدعاء له بالخير والبركة الرحمة ..
وقد نصت بعض روايات اللعن والدعاء على أن النبي صلىاللهعليهوآله قال والله ما أنا قلته ولكن الله قاله كما في مسند أحمد ج ٤ ص ٤٨ وص ٥٧ وص ٤٢٠ وص ٤٢٤ ومجمع الزوائد ج ١٠ ص ٤٦ وكنز العمال ج ١٢ ص ٦٨ ومستدرك الحاكم ج ٤ ص ٨٢.
أما إذا كان اللعن بسبب غضب وخطأ بشري كما تقول الروايات ، فهو معصية كبيرة توجب خروج صاحبها عن العدالة ، بل تجعله هو ملعونا! فقد نصت على ذلك روايات رواها إخواننا السنة أيضا .. منها أن لعن المؤمن كقتله ، ومنها إن اللعنة إذا خرجت من في صاحبها نظرت فإن وجدت مسلكا في الذي وجهت إليه ، وإلا عادت الى الذي خرجت منه. وقد عقدت بعض مصادر الحديث عندهم بابا لروايات النهي عن اللعن وتحريمه ، كما في كنز العمال ج ٣ ص ٦١٤ و ٦١٦ وغيره.
ولكن البيهقي استطاع أن يجد حلا يحفظ كرامة نبيه كما حفظت هذه الروايات كرامة الملعونين! قال في سننه ج ٧ ص ٦٠ (باب ما يستدل به على أنه جعل سبه للمسلمين رحمة وفي ذلك كالدليل على أنه له مباح) انتهى! يعني أن اعتراف النبي بأنه لعن أناسا بغير حق ، أو دعا عليهم بغير حق ، أمر ثابت ، ولا يمكن انسجامه مع عصمة النبي صلىاللهعليهوآله إلا بالقول بأن الله قد أحل لنبيه هذه المحرمات .. وأطلق لسان نبيه ويده في أعراض المسلمين!! وبقيت على أمته حراما!!
لقد قدم البيهقي حلا للجانب الفقهي من المسألة .. ولكن لم يقدم هو ولا غيره حلا لمحذورها الأخلاقي ، الذي يدعي أن النبي صلىاللهعليهوآله قد ارتكب مثل هذا السلوك السيئ ، الذي لا يليق بشخص عادي من أسرة عادية مؤدبة!! بل ولم يقدم حلا للمحذور الأخلاقي بالنسبة الى الله سبحانه وتعالى الذي أحل لنبيه هذا السلوك!!