** (وَيُسْقَوْنَ فِيها كَأْساً كانَ مِزاجُها زَنْجَبِيلاً) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السابعة عشرة .. المعنى : ويسقون في الجنة خمرا ممزوجا بالزنجبيل و «الزنجبيل» كما جاء في المنجد .. هو : الخمر وهو أيضا نبات عشبي هندي الأصل له عروق تسري في الأرض ويتولد فيها عقد حريفة الطعم ـ أي تلذع اللسان ـ وتتفرع هذه العروق من نبت كالقصب. وعلى ذكر «الكأس» فقد ورد ذكر لها في هذا البيت :
وإن يقذفوا بالقذع عرضك أسقهم |
|
بكأس حياض الموت قبل التهدد |
يقول الشاعر طرقة بن العبد : وإن أساءوا ـ أي أساء الأعداء ـ القول فيك وأفحشوا الكلام أوردتهم حياض الموت قبل أن أهددهم .. يريد أن يبيدهم قبل تهديدهم بإهلاكهم أو لا يشتغل بتهديدهم بإهلاكهم. و «العرض» هو موضع المدح والذم من الإنسان .. قاله ابن دريد .. وقد يفسر بالحسب .. و «العرض» أيضا : النفس. و «القذع» هو الفحش. وإذا مزجت الخمر بالماء علت الكأس نفاخات تسمى : فقاقيع ومفردها : فقاعة. قال أبو نواس ـ بضم النون ـ وتخفيف الواو ـ واسمه الحسن بن هاني :
كأن صغرى وكبرى من فقاقعها |
|
حصباء در على أرض من الذهب |
ساع بكأس إلى ناش من الطرب |
|
كلاهما عجب في منظر عجب |
وقد لحنوا لعروضيين في قولهم : فاصلة كبرى وفاصلة صغرى .. ولحنوا ـ أخطئوا أو خطئوا ـ أبا نواس في قوله : كأن صغرى وكبرى .. لأن كل واحدة من هاتين الكلمتين أفعل تفضيل. لأن من حق «أفعل» التفضيل إذا كان مجردا من «أل» والإضافة أن يكون مفردا مهما يكن من أمر الموصوف به فكان عليه أن يقول : كأن أصغر وأكبر من فقاقعها .. أو يقول كأن الكبرى والصغرى. قال تعالى في سورة «المدثر» : (إِنَّها لَإِحْدَى الْكُبَرِ) جاء هنا افعل التفضيل مضافا. وقيل : إن الشاعر لم يلحن وإنه لم يأت إلا بالقياس المطرد لأنه لم يرد معنى التفضيل وإنما أراد معنى الصفة المشبهة أي كأن الفقاعة الصغيرة والفقاعة الكبيرة من فقاقع هذه الخمر ومثل هذا الكلام يصح أن يقال في توجيه قول العروضيين : فاصلة كبرى وفاصلة صغرى فهم يريدون : الفاصلة الكبيرة والصغيرة ولا يريدون معنى أصغر وأكبر.
** (عَيْناً فِيها تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثامنة عشرة .. المعنى : هو آت من عين هناك أو ممزوجة من ماء عين تسمى سلسبيلا لسهولة مساغها وسلاسة انحدارها في الحلق. قال الأخفش : هي معرفة ولكن لما كانت رأس آية وكانت مفتوحة زيدت فيها الألف أي هي اسم عين في الجنة ممنوعة من الصرف للعلمية والتأنيث.
** (وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الحادية والعشرين .. المعى : شرابا طاهرا من شراب الجنة ليس رجسا كخمر الدنيا أي كثير الطهر ـ فعول بمعنى فاعل ـ من صيغ المبالغة.
** (إِنَّ هذا كانَ لَكُمْ جَزاءً وَكانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثانية والعشرين وحذف النعت أو البدل المشار إليه لأن ما قبله دال عليه أي إن هذا العطاء ـ عطاء الله لهم ـ كان جزاء لهم على ما أدوه من جميل الأعمال وقد شكر الله تعالى لهم سعيهم في مرضاته والشكر هنا : كلمة مجازية أي مقبولا.