** (هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ دِيارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الثانية .. يقال : حشر ـ يحشر الناس ـ من باب «ضرب» وباب «نصر» بمعنى : جمعهم والمراد بأهل الكتاب هنا : طائفة من اليهود كانت تناصب النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ العداء وهم من يهود بني النضير كانوا يقيمون في المدينة فأجلاهم الرسول الكريم ـ صلىاللهعليهوسلم ـ عن جزيرة العرب ولأول الحشر : أي في أول حشرهم بمعنى جمعهم من جزيرة العرب إذ لم يصبهم هذا الذل قبل ذلك وقيل : إن أول حشرهم هو حشرهم للقتال أو الجلاء إلى الشام وآخر حشرهم : هو إجلاء عمر ـ رضي الله عنه ـ إياهم من خيبر .. ومن ديارهم : بمعنى : من مساكنهم. وقال صاحب «التفسير الوجيز» الحشر : هو إخراج جمع من مكان إلى مكان آخر وأضيف «أول» إليه كإضافة «جميل» للصبر أي الصبر الجميل والحشر الأول .. وقيل : أخرجوا في زمن عمر ـ رضي الله عنه ـ من جزيرة العرب إلى الشام .. كان بنو النضير من اليهود قد عاهدوا النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ على ألا يكونوا له ولا عليه فلما انهزم المسلمون يوم أحد نكثوا عهدهم وذهب قائدهم كعب بن الأشرف إلى مكة وحالف قريشا على حرب رسول الله فقاتلهم الرسول وانتصر عليهم وأجلاهم إلى سورية لأنهم غدروا بالنبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وبعد أن حاصرهم الرسول رضوا بالجلاء من جزيرة العرب.
** (ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوها قائِمَةً عَلى أُصُولِها فَبِإِذْنِ اللهِ وَلِيُخْزِيَ الْفاسِقِينَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الخامسة بمعنى : أي شيء قطعتم من نخلة كريمة و «لينة» جمعها : لين وهي الدقل وهو ضرب من النخل. قال الأخفش : هو جمع واحدته : لينة ولكن لما انكسر ما قبلها انقلبت الواو ياء وأصلها لونة.
** سبب نزول الآية : قال اليهود للنبي محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : كنت تنهى عن الفساد في الأرض فكيف تأمر بقطع النخيل؟ فنزلت هذه الآية الكريمة تقول : إن ذلك كان بأمر الله لنكاية الكافرين.
** (ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة السابعة .. و «اليتامى» جمع «يتيم» وثمة جمع آخر هو «الأيتام» وقيل من أحب ولده رحم الأيتام. و «أحب» يتعدى إلى المفعول نحو : أحبه فهو محب ـ بفتح الحاء اسم مفعول ـ وبكسرها اسم فاعل ومثله الفعل «حب» نحو : يحبه فهو محبوب ـ اسم مفعول و «حاب» اسم فاعل وهو من باب «ضرب» وحببته ـ أحبه ـ من باب «تعب» لغة وفيه لغة لهذيل : حاببته حبابا ـ من باب قاتل ـ فهو محبوب وحبيب ـ فعيل بمعنى مفعول ـ وهي حبيبة ـ وهن حبائب وجمع المذكر : أحباء ـ على وزن أفعلاء ـ وكان القياس أن يجمع على «فعلاء» مثل «شرفاء» ولكن استكره لاجتماع المثلين ـ أي الباءين ـ فقالوا : كل ما كان على وزن «فعيل» من الصفات فإن كان غير مضاعف فبابه : فعلاء مثل ـ شريف .. وشرفاء ـ وإن كان مضاعفا فبابه : أفعلاء .. مثل : حبيب ـ أحباء .. طبيب ـ أطباء .. خليل ـ أخلاء. قال الشاعر :
إذا شئت أن تقلى فزر متواترا |
|
وإن شئت أن تزداد حبا فزر غبا |
أي إذا أردت أن تبغض أو تكره فزر زيارات متتابعة ـ أي زيارة بعد زيارة ـ أما «الغب» بكسر الغين فهو أن تزور يوما وتدع يوما وذلك فيه راحة للزائر والمزور .. قال البراء بن عازب ـ رضي الله عنه ـ سمعت النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ يقول : الأنصار لا يحبهم إلا مؤمن ولا