(يَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ) (٣)
(يَحْسَبُ أَنَ) : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. أن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «أن» وما بعدها من اسمها وخبرها في محل نصب سدت مسد مفعولي «يحسب».
(مالَهُ أَخْلَدَهُ) : اسم «أن» منصوب وعلامة نصبه الفتحة والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الضم في محل جر مضاف إليه. أخلده : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «أن» وهي فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به بمعنى ويظن أن المال تركه خالدا في الدنيا لا يموت .. والجملة الفعلية «يحسب وما بعدها» لا محل لها لأنها بدل من صلة الموصول «الذي» أو بمعنى : يظن هذا الكافر أو يخيل إليه أن ماله سيبقيه ويخلده.
** (وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ) : المعنى : عذاب وهلاك لكل هامز كثير الهمز ولامز كثير اللمز أي لكل هامز يهمز الناس أي يغتابهم ولامز يطعن الناس فالهامز المغتاب واللامز : العياب. وقد دخلت الهاء للمبالغة. وقد نهى القرآن الكريم والدين الحنيف ورسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ والصالحون والأتقياء والمهذبون والشعراء .. نهوا جميعا الناس من إطلاق هاتين اللفظتين .. لأن الشاتم ـ اسم فاعل ـ والمشتوم ـ اسم مفعول ـ تنحط مرتبتهما ومكانتهما عند الناس وهما لفظتان مذمومتان وتعدان من الكبائر. وعن أنس بن مالك : لم يكن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ سبابا ولا فحاشا ولا لعانا. قال ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يشتمه» و «الويل» متى انفرد جاز فيه الرفع والنصب نقول : ويل له وويلا له أي ألزمه الله ويلا وإذا أضيف نحو : ويله لم يكن إلا منصوبا. قال ابن خالويه : الويس : كلمة أخف من «الويل» و «الويح» : كلمة أخف من «الويس» و «الويب» : كلمة أخف من «الويح» ويقال : ويل لزيد وويله وويحه وويسه وويبه. قال الحسن : ويح : كلمة رحمة. وقيل : لم تصرف العرب أفعالا من «ويح» وويس وويل.
** سبب نزول الآية : نزلت هذه الآية الكريمة في الأخنس بن شريق. ونزلت فيه : (عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ) ونزلت فيه : (وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ) ونزلت فيه : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) صدق الله العظيم وكان قدم على رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فحلف أنه ما جاء إلا للسلام ثم غدر واستاق مالا فلذلك قوله : (وَيُشْهِدُ اللهَ عَلى ما فِي قَلْبِهِ) ثم مر بزرع للمسلمين فأحرقه وبحمر فعقرها وارتد ؛ فذلك قوله (وَإِذا تَوَلَّى سَعى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيها).