الأربع المشار إليها في الدّعاء بقوله : والحمد لله كلّما حمد الله شيء وكما يحبّ الله أن يحمد ، وكما هو أهله ، وكما ينبغي لكرم وجهه وعزّ جلاله (١) إلخ على ما مرّت إليه الإشارة في تفسير الحمد ، والتقديس اشارة إلى تنزيهه عمّا لا يليق به من صفات الإمكان والأكوان.
ولا يخفى انّ قضيّة الإطلاق هو الحمل على ما مرّ وغيره يمكن حمل اللّفظ عليه ، فلا وجه لتخصيص البعض بالحمل عليه ، وفي إضافة هذه الأفعال إلى أنفسهم وتمدحهم بها وصدقهم في تنزيهه وتقديسه واضافة الإفساد والسفك إلى المجعول فيها على وجه يشعر بالذّم. والحوالة في الجواب عن مقالهم إجمالا إلى علمه وتفصيلا إلى علم المستخلف دون أن يقول إنّي أفعل ما أشاء لانتفاء الحسن والقبح وانتساب الكلّ إلى وجوه من الدّلالة على ما هو المختار من العدل والاختيار ، وفساد القول بالإجبار والاضطرار ، والمناقضة بمسألة الدّاعي والعلم مدفوعة بما مرّ مرارا ، وأمّا إخبار الملائكة عن الإفساد والسفك فلعلّه مستند إلى مطالعة اللّوح المحفوظ أو الألواح الجزئيّة السّماوية حيث إنّه قد جرى القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة ، وذلك لا يوجب سقوط سؤالهم رأسا مع علمهم بجواز البداء او كون السؤال للاستفسار عن وجه الحكمة على ما مرّ ، أو إلى إخبار الله سبحانه حيث إنّه أعلمهم أنّه إذا كان في الأرض خلق عظيم أفسدوا فيها وسفكوا الدّماء أو أخبرهم به بالخصوص لما يروى عن ابن مسعود وغيره أنّه تعالى لمّا قال للملائكة إنّي جاعل في الأرض خليفة قالوا : ربّنا ويكون الخليفة؟ ، قالوا تكون له ذرّيّة يفسدون في
__________________
(١) بحار الأنوار : ج ٨٦ ص ٤٤ ح ٥٤.