الأرض ويتحاسدون ويقتل بعضهم بعضا فعند ذلك قالوا : ربّنا أتجعل فيها ، أو أنّهم علموا أنّ العصمة من خواص نوعهم لا نوع آخر وأن اتّصف بها منه أفراد كثيرة أو أنّهم قاسوا أحد الثقلين بالآخر لما رأوا من حال الجن الذين كانوا قبل آدم في الأرض كما يحكى عن ابن عباس والكليني قيل ويؤيّده ما في تفسير الامام عليهالسلام : فقالوا ربّنا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدّماء كما فعلت الجنّ بنوا الجان الذين قد طردناهم عن هذه الأرض (١) آه وهو كما ترى إذ غايته التنظير واين هو من القياس الذي لم يجعل طريقا لاحد من الخلق إلى معرفة شيء سيّما مع ما تضمّن القدح والتّعييب وغيره بل من المشهور المستفيض انّ أوّل من قاس إبليس فكيف استعملته الملائكة قبله.
وأمّا ما يحكى عن تفسير العيّاشي عن الصادق عليهالسلام قال : وما علم الملائكة بقولهم أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدّماء لو لا أنّهم قد كانوا رأوا من يفسد فيها ويسفك الدّماء (٢) فالظّاهر أنّ المراد أنّهم رأوا ذلك مكتوبا في الألواح السّماوية ، أو أنّهم علموا ذلك ولو بطرق أخر من رأى بمعنى علم ، أو أنّهم رأوا ذلك رأي العين بناء على تجرّدهم وإحاطتهم بالأزمنة وما فيها ، بلا فرق بين الماضي والحال والاستقبال ، أو لأنّ معنى الخلافة هو النيابة عن الله تعالى في الحكم والقضاء وانّما يكون الاحتياج إليه عند التنازع والتظالم ، فالاخبار عن وجود الخليفة كأنّه إخبار عن وقوع الشرّ والفساد بطريق الالتزام ، أو أنّه لمّا خلق الله النّار خافت الملائكة
__________________
(١) تفسير البرهان : ج ١ ص ٧٣.
(٢) البرهان ج ١ ص ٧٤ عن العياشي.