عبارة عن مخالفة القوّة السافلة للقوّة العالية فيما لها أن يفعل الغرض الأعلى عند تخالف الأغراض والدّواعي ، ومع بساطة القوّة وفقد التركيب من الأجزاء المختلفة لا يتصوّر التّنازع والتّمانع ، وبالإجماع القطعي من الفرقة المحقّة عليه ولذا لم ينسبوا الخلاف إلّا إلى الحشوية ، وبظاهر الآيات الكثيرة كقوله : (لا يَعْصُونَ اللهَ ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ) (١) (بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ ، لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ) (٢) إلى قوله : (وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ) (٣) (يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ) (٤) (لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ) (٥) (يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لا يَفْتُرُونَ) (٦) وغيرها من الآيات التي لا تخفى وجوه الدّلالة فيها بملاحظة الإطلاق والعموم على ما هو المطلوب بل في هذه الآية ايضا دلالة عليه ايضا حيث إنّهم طعنوا باليسير من المعصية ولو كانوا من العصاة لما حس منهم ذلك الطعن ، سيّما عند من لا تخفى عليه خافية هذا مضافا إلى جملة من الاخبار الدّالة على عصمتهم ودوام طاعتهم كما في الخطبة العلويّة المرويّة في النّهج وفيها انشائهم على صور مختلفات ، وأقدار متفاوتات ، جعلهم الله فيما هنالك أهل الامانة على وحيه ، وحملهم إلى المرسلين ودائع أمره ونهيه ، وعصمهم من ريب
__________________
(١) التحريم : ٦.
(٢) الأنبياء : ٢٧.
(٣) الأنبياء : ٢٨.
(٤) النحل : ٥٠.
(٥) الأنبياء : ١٩.
(٦) الأنبياء : ٢٠.