من الآية واضح ، وقد مرّ أنّ في قوله نسبّح بحمدك دلالة على تحميدهم له بالتوفيق على ذلك مضافا إلى ما فيه من اظهار الاختيار وتنزيهه عن الإجبار وقوله : «ان كنتم صادقين» أي في زعمكم الأحقيّة بالخلافة وقوله : «ألم أقل لكم» لظهور فضيلة آدم بعد الإعلام به مجملا ، والاعتذار غير ظاهر وعلى فرضه فلا يستلزم الذّنب ، بل لعلّه اظهار للنّعمة وإقرارا على أنفسهم بالعجز والعبوديّة فان كان ولا بّد فاستناده إلى ترك الأوّلى اولى جمعا بينه وبين ما دلّ على العصمة وردّا للمتشابه إلى الآيات المحكمة ، وأمّا الاخبار ففيها مع التضمّن عن ضعف سند الأكثر انّها قاصرة الدلالة لأنّ اطلاق الاحتجاب والتوبة والاستغفار لا دلالة في شيء منها على صدور المعصية وارتكاب الخطيئة سيّما في شأن المقرّبين الذين يتحرّجون ويردأون على أنفسهم بأقلّ من ذلك ، إذ حسنات الأبرار سيّئات المقرّبين مع أنّهم ربما يجبرون بمثل ذلك ما يستشعرون من أنفسهم من القصور دون التّقصير ، وسيأتي الإشارة إلى جميع ذلك ، على أنّه قد ورد أنّهم ظنّوا الاحتجاب كما في «العلل» عن الصادق عليهالسلام قال : انّ الله عزوجل لما قال للملائكة (إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) ضجت الملائكة من ذلك وقالوا يا ربّ ان كنت لا بدّ جاعلا في أرضك خليفة فاجعله منّا من يعمل في بطاعتك فردّ عليهم إنّي أعلم ما لا تعلمون فظنّت الملائكة أنّ ذلك سخط من الله عزوجل عليهم فلاذوا بالعرش يطوفون به فأمر الله عزوجل له ببيت من مرمر سقفه ياقوتة حمراء وأساطينه الزبرجد يدخله كلّ يوم سبعون ألف ملك لا يدخلونه بعد ذلك إلى يوم الوقت المعلوم (١) ، الخبر.
__________________
(١) البحار : ج ٩٩ ص ٣٢.