إِلهٌ) (١) ، الظّاهر في قدرتهم على ذلك ، بل هو الظّاهر ايضا من التمدّح بالتّسبيح والتقديس في هذه الآية ، ومن قوله : (لا يَعْصُونَ اللهَ ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ) (٢) ، وقوله : (وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلهٌ مِنْ دُونِهِ فَذلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ) (٣) ، إلى غير ذلك من الآيات الظّاهرة في ذلك.
بل قد يستدلّ أيضا بانّهم لو لم يكونوا قادرين على ترك الخيرات لما كانوا ممدوحين بفعلها لأنّ الملجأ إلى الشيء ومن لا يقدر على ترك الشيء لا يكون ممدوحا بفعل الشيء.
قال الرازي : ولقد استدلّ بهذا بعض المعتزلة فقلت له : أليس أنّ الثّواب والعوض واجبان على الله تعالى ، ومعنى كونه واجبا عليه أنّه لو تركه للزم من تركه إمّا الجهل وإمّا الحاجة وهما محالان ، والمفضي إلى المحال محال ، فيكون ذلك التّرك محالا من الله ، وحينئذ فيكون الفعل واجبا منه ، فكون الله تعالى فاعلا للثّواب والعوض واجب وتركه محال مع انّه تعالى ممدوح على فعل ذلك ، فثبت أنّ امتناع التّرك لا يقدح في حصول المدح ، قال فانقطع وما قدر على الجواب (٤).
والجواب عنه واضح ضرورة ظهور الفرق بين كون الترك مستندا إلى الاختيار ، بحيث لا يختار الفعل أصلا أبدا ولو للحكمة او العصمة ، وكونه مستندا على العجز وانتفاء القدرة وانتفاء المدح إنّما هو في الثاني دون الأوّل الّذي يثبت معه
__________________
(١) الأنبياء : ٢٩.
(٢) التحريم : ٦.
(٣) الأنبياء : ٢٩.
(٤) تفسير مفاتيح الغيب ج ١ ص ١٧١.