ويقرب من ذلك ما قيل : من كونه للتبكيت تنبيها على عجزهم عن اقامة رسم الخلافة ، فإنّ التّصرف والتّدبير والقضاء بالقسط متوقّف على تحقّق المعرفة والوقوف على مراتب الاستعدادات وقدر الحقوق.
ويحتمل كونه أمرا حقيقيّا مشروطا بصدقهم أي بعلمهم على ما مرّ ويأتي أو بغيره ممّا لم يتحقّق بعد كي يتنجز الأمر بالنّسبة إليهم ، او حقيقيّا مطلقا في الحقيقة وإن كان مشروطا في الظّاهر ، وذلك لتّحقق الشّرط الّذي علّق عليه الأمر وهو صدقهم فيما أخبروا عنه من عبادتهم ، او كون ذرّيّة آدم ممّن يفسد فيها ويسفك الدّماء ، والامتثال على هذا الوجه وان لم يكن مقدورا لهم بالذّات لجهلهم بتلك الأسماء إلّا انّهم مقدور لهم بواسطة رجوعهم إلى آدم وتعليمهم منه ، ولذا أمر الله تعالى آدم بتعليمهم إزاحة للعلّة وتنبيها على فضل آدم عليهم وعدم استغنائهم عنه في عبوديّتهم وطاعتهم لله سبحانه وهذا الوجه وإن لم أجد من تعرّض له من المفسّرين إلّا أنّه لا بأس به بعد المحافظة على استقامة الكلام واحراز الفائدة.
نعم قال شيخنا الطّبرسي بعد تأويل الاشتراط بالصدق إلى ارادة العلم بالخبر على ما مرّ والإشارة إلى أنّ معنى الأمر هو التّنبيه او انّه يكون امرا مشروطا ما لفظه : ولا يجوز أن يكون ذلك تكليفا لأنّه لو كان تكليفا لم يكن تبيينا لهم ان آدم يعرف اسماء هذه الأشياء بتعريف الله ايّاه وتخصيصه من ذلك بما لا يعرفونه فلمّا أراد تعريفهم ما خصّ به آدم من ذلك علمنا أنّه ليس بتكليف انتهى (١) كلامه زبد مقامه.
__________________
(١) مجمع البيان ج ١ ص ٧٧.