كونه صلىاللهعليهوآله رحمة لجميع ما سوى الله من الملائكة ، وهو كذلك حسبما دلّت عليه الأخبار الصّحيحة ، وقضت به ضرورة المذهب من أنّه صلىاللهعليهوآله وأوصياؤه المعصومين هم الوسائط الكليّة لوصول الفيوض الالهيّة إلى أهل العالم ، بل كينونات الملائكة إنّما كانت من أشعّة أنوارهم ، فوجوده صلىاللهعليهوآله مظهر الرّحمة وتمام النعمة ومساق الآية كما ترى على حدّ ما ورد من في القدسيّات : «لولاك لما خلقت الأفلاك» (١). واما ما يقال من ان كونه رحمة لهم لا يستلزم كونه أفضل منهم كما في قوله : (فَانْظُرْ إِلى آثارِ رَحْمَتِ اللهِ كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها) (٢) ، وانّه لا يمتنع ان يكون هو صلىاللهعليهوآله رحمة لهم من وجه ، وهم يكونون رحمة له من وجه.
ففيه انّ ظاهر الآية وساطته للرّحمة الكليّة ، بل كونه نفس الرّحمة الالهيّة حسبما قرّرناه في تفسير البسملة وكون الأمطار من آثارها غير قادح بعد ظهور انّ لها مظاهر وآثار ، وكونه صلىاللهعليهوآله رحمة لهم ولغيرهم معلوم من الآية وغيرها وأمّا عكسه فغير واضح.
ومنها قوله تعالى : (وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ) إلى قوله : (وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلاً) (٣) ، بناء على كون الظرف صفة للكثير لا صلة له ، ولو بمعونة الأخبار المفسّرة لها بأنّ المراد تفضيل بني آدم على سائر الخلق بلا فرق بين تفسير السائر بالباقي او بالجميع.
ومنها قوله تعالى : (وَنُوحاً هَدَيْنا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَسُلَيْمانَ
__________________
(١) بحار الأنوار : ج ١٥ ص ٢٨.
(٢) الروم : ٥٠.
(٣) الإسراء : ٧٠.