وأمّا ما يقال : من أنّ المراد بالأرض جهة السفل كما أنّ المراد بالسماء جهة العلو فالمعنى خلق لكم ما في هذه الجهة المقابلة للعلو فيشمل الأرض ، وانّ من جملة الأرض ما يطلق عليه أنّه في الأرض فيكون جامعا للوصفين.
ففيه مع الغض عمّا فيهما من التكلف انّه لا منفعة في أكل الطين بل المضرّة فيه واضحة جدّا كما صرّح به الأطباء وغيرهم.
بل في الخبر المحكي عن «العلل» و «المحاسن» و «الكافي» عن ابي جعفر عليهالسلام إنّ أكثر مصائد الشيطان أكل الطين إنّ أكل الطين يوجب السقم في الجسد ويهيج الداء ومن أكل الطين فضعفت قوته التي كانت قبل أن يأكله وضعف عن عمله الذي كان يعمله حوسب على ما بين ضعفه وقوته وعذب عليه (١).
وعن الصادق عليهالسلام : من أنهمك في أكل الطين فقد شرك في دم نفسه (٢).
وعنه عن النبي صلىاللهعليهوآله من أكل الطين فمات فقد أعان على نفسه (٣) ، إلى غير ذلك ممّا يدل على أنّه يوقع الحكة في الجسد ويورث البواسير ويهيج السوداء ويذهب بالقوة من الساقين والقدمين وغيرها ، بل الظاهر من كثير منها والمصرح به في كلام جملة من الأصحاب عدم الفرق في الحرمة بين التراب الخالص والممزوج بالماء.
ومن الغرائب ما في «الجواهر» من اختصاص الحكم بالطين الذي هو الممزوج بالماء ، وأمّا التراب الخالص فلا دليل على حرمته ، بل مقتضى الأصول عدمها ضرورة خروجه عن مسمّى الطين إلى آخر (٤) ما ذكره هناك حيث تفرد القول
__________________
(١) بحار الأنوار ج ٦٠ ص ١٥٣ ح ١ عن العلل وفيه : إنّ أكل الطيب يورث السقم.
(٢) العلل ص ٥٣٣ وعنه البحار ج ٦٠ ص ١٥٢ ح ٨.
(٣) المحاسن للبرقي ح ٩٧٥ وعنه البحار ج ٦٠ ص ١٥٤.
(٤) الجواهر ج ٣٦ ص ٣٥٥ ـ ٣٥٦.