خلوها عن المنافع حتى من مثل السموم القاتلة ونحوها ومنافع لحوم الأفاعي مفردة ومركبة مع الترياق وغيره غير خفية.
ثمّ إنّها وإن دلت على جواز الانتفاع بجميع ما في الأرض نظرا إلى وضع الموصول سيّما مع كون (جَمِيعاً) حالا عنه في المقام ، بل ومع كونه توكيدا أيضا وان كان احتماله في غاية البعد لقلّة التوكيد به ولخلوه عن الضّمير إذ لو كان كذا لقيل جميعه.
وبالجملة ففيها دلالة على إباحة الانتفاع بما في الأرض إلّا أنّه تختلف كيفيّة الانتفاع به باختلاف الأشياء ، فقد يكون في بعضها بالأكل وفي بعضها بالشرب ، وفي بعضها باللبس ، وفي بعضها بالسكون ، والزراعة والحراثة ونحوها ، فإذا كان للشيء منفعة واحده أو كانت واحدة منها ظاهرة فلا ريب في جواز الانتفاع بها ، وأمّا المنافع الغير الظاهرة والتي لم يتداول الانتفاع بها عند الناس أو ما لم يطّلعوا عليها قبل ذلك فهل يجوز الانتفاع بشيء منها بعد الإطلاع وحصول الانتفاع وجهان بل قولان : يظهر من البعض العدم لإجمال الآية بالنسبة إلى هذه الصورة نظرا إلى بعض الوجوه المتقدّمة ، وقد عرفت ضعفها ، ومنه يظهر أنّ الأظهر الأوّل ولذا لا ينبغي التأمّل في جواز استعمال العقاقير المختلفة في وجوه الانتفاعات التي تطّلع عليها الحكماء وغيرهم يوما فيوما على مرّ الدهور والأعصار ممّا لم تكن متداولة في القرون السابقة والأزمنة المتقدّمة.
ومنه يظهر أيضا ضعف ما ربما يستدل بالآية على حرمة أكل الطين نظرا إلى أنّ أكله من المنافع الغير المتداولة مع أنّها أنما دلّت على إباحة ما في الأرض لا هي نفسها إذ فيه أنّ أكل الطين وان كان حراما في الشرع لكن الحرمة غير مستفادة من الآية لا منطوقا كما لا يخفى ولا مفهوما لعدم شيء من المفاهيم المعتبرة وإن كان مراد القائل عدم الدّلالة على الإباحة لا اثبات الدّلالة على الحرمة.