بالجمع إلى غير ذلك من المناقشات التي لا ينبغي الإصغاء إليها بعد اعتضاد الأصل المتقدم بالعقل والنقل بل الإجماع نقلا وتحصيلا فيما يتعلق بالأعيان وغيرها مع عدم المخصص بأحد الوجهين.
هذا مضافا إلى أنّه يمكن الجواب عن الوجوه المتقدّمة بظهور ورود الآية في مقام الامتنان الذي هو أعلى مراتب البيان ولذا قالوا بافادة المفرد المنكر في مثله للعموم كما في قوله : (وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً) (١) و «اللام» وان كان مطلقا من حيث جهات الانتفاع إلّا أنّ الإطلاق كاف سيّما في مقام الامتنان ، ومجرّد الاقتصار في تفسير الآية على ذكر البعض غير صالح لشيء من التقييد والتخصيص ، وأمّا مقابلة الكل بالكل فلا دلالة فيها على اختصاص البعض بالبعض وإن علم ذلك من أدلّة أخرى ، ولذا لزم أن يرجع في الإختصاص إلى سائر الأسباب ، وبه يضعف استدلال أهل الإباحة بالآية على نفي الإختصاص ورفض اسباب الملكيّة وجواز انتفاع كلّ أحد بما يجده من المطاعم والملابس والمناكح وغيرها.
نعم يستفاد منها أنّ لكلّ شيء ممّا في الأرض فائدة ونفعا وان لم نعلمها بالخصوص.
وما يقال من أنّ ما لا نفع فيه كأنواع السموم والحيوانات الموذية من الحيّات والأفاعي والعقارب ونحوها خارج عن ذلك ففيه أنّه ناش عن التصور والجهالة ، بما أودع الله فيها من الخواص الجليلة والمنافع العظيمة التي لم يزل الناس من أهل الملل والمذاهب يطّلعون عليها شيئا فشيئا على مر الدهور والأعصار ، وناهيك في ذلك الاطلاع على جملة ممّا استنبطه أطباء الافرنج والأندلس وحكماؤهم من الخواص الغريبة والآثار العجيبة من تلك العقاقير والنباتات التي ربما يتوهم الجاهل
__________________
(١) الفرقان : ٤٨.