ويقيم كلمة الصدق فيما بينهم ، فإنّي لهم السبيل إلى معرفة من هو كذلك ، وكيف اطمأنّوا انّه لم يقع اختيارهم على من هو الأفسد في الدّين والدّنيا ، وإليه أشير بما في «الاحتجاج» عن سعد بن عبد الله القمي قال : سألت القائم عليهالسلام في حجر أبيه عليهالسلام فقلت : أخبرني يا مولاي عن العلّة الّتي تمنع القوم من اختيار امام لأنفسهم قال عليهالسلام : مصلح او مفسد؟ قلت : مصلح قال : هل يجوز أن تقع خيرتهم على المفسد بعد أن لا يعلم أحد ما يخطر ببال غيره من صلاح او فساد؟ قلت : بلى قال : فهي العلّة ايّدتها لك ببرهان يقبل ذلك عقلك ، قلت : نعم قال : أخبرني عن الرّسل الّذين اصطفاهم الله وأنزل عليهم الكتب وايّدهم بالوحي والعصمة إذ هم أعلام الأمم وأهدى إلى ثبت الاختيار ، ومنهم موسى وعيسى عليهماالسلام هل يجوز مع وفور عقلهما وكمال علمهما إذا همّا بالاختيار أن تقع خيرتهما على المنافق ، وهما يظنّان انّه مؤمن قلت : لا قال : فهذا موسى كليم الله مع وفور عقله وكمال علمه ونزول الوحي عليه اختار من اعيان قومه ووجوه عسكره لميقات ربّه سبعين رجلا ممّن لم يشكّ في ايمانهم وإخلاصهم فوقعت خيرته على المنافقين قال الله عزوجل : (وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقاتِنا) (١) ، فلما وجدنا اختيار من قد اصطفاه الله للنبوّة واقعا على الأفسد دون الأصلح وهو يظنّ انّه الأصلح دون الأفسد ، علمنا انّه لا اختيار لمن لا يعلم ما تخفي الصدور وما تكنّ الضمائر وتنصرف عليه السرائر ، وان لا خطر لاختيار المهاجرين والأنصار بعد وقوع خيرة الأنبياء على ذوي الفساد لما
__________________
(١) الأعراف : ١٥٥.