النّاس لبكائه فبكوا ثمّ سكت ، فسكتوا فسأله عمر عن تلك الواقعة فأصدر جوابها فقال عمر : أما والله لقد أرادك الحقّ ولكن أبى قومك ، فقال : يا أبا حفص اخفض عليك من هنا ومن هنا (إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كانَ مِيقاتاً) (١) فوضع عمر إحدى يديه على الأخرى وطرق إلى الأرض كانّما ينظر في رماد (٢).
وقال ابن أبي الحديد : وأمّا عمر فقد عرف كلّ أحد رجوعه إليه يعني عليّا عليهالسلام في كثير من المسائل الّتي أشكلت عليه وعلى غيره من الصّحابة ، وقوله غير مرّة لو لا عليّ لهلك عمر ، وقوله : لا بقيت لمعضلة ليس لها أبو حسن ، وقوله : لا يفتين أحد في المسجد وعليّ حاضر.
إلى غير ذلك من الاخبار الكثيرة المتواترة من طرق الفريقين الّتي قد أفردوها بالتّصنيف ، بل حكاية أفضليّته عليهالسلام مسلّمة عند كثير من العامّة أيضا وحكاها الرازي في «أربعينه» عن اكثر متأخّري المعتزلة وحكى عن الشيعة الاستدلال لها بوجوه أنهاها إلى عشرين قال في جملة ما ذكره :
الحجّة الثالثة أنّ عليّا أعلم الصحابة ، والأعلم أفضل ، إنّما قلنا : إنّ عليّا أعلم للاجمال والتفصيل ، أمّا الإجمال فهو انّه لا نزاع أنّ عليّا كان في اصل الخلقة في غاية الذّكاء والفطنة والاستعداد للعلم ، وكان محمّد صلىاللهعليهوآله أفضل الفضلاء وأعلم العلماء ، وكان عليّ عليهالسلام في غاية الحرص في طلب العلم ، وكان محمّد صلىاللهعليهوآله في غاية الحرص في تربية عليّ عليهالسلام ، وإرشاده إلى اكتساب الفضائل ، ثمّ انّ عليّا عليهالسلام كان من
__________________
(١) النبأ : ١٧.
(٢) في البحار : ج ٤٠ ص ١٢٢ ـ ١٤٣ مع تفاوت يسير في العبارات ، وفي آخرها : فوضع عمر إحدى يديه على الآخر وخرج مربد اللون.