أوّل صغره في حجر محمّد صلىاللهعليهوآله وفي كبره صار ختنا له ، ويدخل عليه في كلّ الأوقات ، ومن المعلوم أنّ التّلميذ إذا كان في غاية الذكاء والحرص على التعلّم ، وكان الأستاذ في غاية الفضل والحرص على التعليم ثمّ اتّفق لمثل هذا التّلميذ أن اتّصل بخدمة هذا الأستاذ في زمان الصّغر كان ذلك الاتّصال بخدمته حاصلا في كلّ الأوقات ، فانّه يبلغ ذلك التّلميذ في العلم مبلغا عظيما ، وهذا بيان اجمالي في أنّ عليّا كان أعلم الصحابة ، أمّا أبو بكر فانّه وإن اتّصل بخدمته صلىاللهعليهوآله في زمان الكبر ولكن ما كان يصل إلى خدمته في اليوم واللّيلة إلّا زمانا يسيرا ، أمّا عليّ عليهالسلام فانّه اتّصل بخدمته عليهالسلام في زمان صغره ، وقد قيل : العلم في الصغر كالنّقش في الحجر ، والعلم في الكبر كالنقش في المدر ، فثبت بما ذكرناه أنّ عليّا كان أعلم من أبي بكر ، ويكفي في ذلك قوله : «أنا مدينة العلم وعليّ بابها» (١) وقال عليّ عليهالسلام : علّمني ألف باب ينفتح من كلّ باب ألف باب (٢).
وأمّا التّفصيل فيدلّ عليه وجوه :
الأوّل : اكثر المفسّرين سلّموا انّ قوله تعالى : (وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ) (٣) نزل في حقّ عليّ عليهالسلام وتخصيصه بزيادة الفهم يدلّ على اختصاصه بمزيد العلم (٤).
الثّاني : قوله صلىاللهعليهوآله : أقضاكم عليّ عليهالسلام (٥) والقضاء يحتاج إلى جميع أنواع
__________________
(١) شرح النهج : ج ٢ ص ٢٧٦.
(٢) بحار الأنوار : ج ٤٠ ص ١٢٨.
(٣) الحاقة : ١٢.
(٤) بحار الأنوار : ج ٣٥ ص ٣٢٦.
(٥) الإستيعاب ج ٣ ص ٣٨ هامش الإصابة.