وبالجملة معلوم بالعقل والنقل كتابا وسنّة واجماعا عدم مساواة العالم وغيره ، وانّ العالم يقدّم في كلّ شيء ، ويدلّ عليه تفضيل آدم على الملائكة بعلم أسماء الأشياء ، وترجيح ملكيّة طالوت على غيره ممّن له شرف وفخر بأنّه من أولاد النّبي وأولاد الملوك ، مع أنّه كان دبّاغا فانّ الله تعالى اخبر بأنّه الأحقّ لأنّه زاده (بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ) (١) اي القوّة والشّجاعة ثمّ ساق الكلام في الوجوه الدّالة على أفضليّة مولانا أمير المؤمنين وأنهاها إلى عشرين ثمّ ساق الكلام في الجواب عنها بزعمه وزعم أصحابه إلى أن قال :
وأمّا الحجّة الثالثة وهي أنّ عليّا عليهالسلام كان أعلم ، قلنا لم لا يجوز أن حصلت هذه الكثرة بعد ابي بكر وذلك لأنّه عاش بعده زمانا طويلا فلعلّه حصّلها في هذه المدّة فلم قلتم انّه في زمان حياة ابي بكر كان أعلم منه هذا كلامه.
وهذا الجواب كما ترى بمكان من الضّعف والقصور ، وذلك لأنّه مقتضى ما ذكره من الأدلّة فضلا عمّا لم يذكره أنّه عليهالسلام كان أعلم الصحابة بعد النّبي صلىاللهعليهوآله ، بل وفي زمان حياته ايضا ، كما يدلّ عليه ما ذكره من الدّليل الاجمالي بل وكثير من ادلّته التفصليّة كنزول قوله : (وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ) (٢) في حقّه ، والنّبوي : أقضاكم عليّ (٣) ، والآخر : انا مدينة العلم وعليّ بابها (٤) ، وما رواه عنه عليهالسلام من قوله : علّمني رسول الله ألف باب (٥) ، آه وغير ذلك ممّا ينادي بأفضليّته على كلّ الأمّة ولو في
__________________
(١) البقرة : ٢٤٧.
(٢) الحاقة : ١٢.
(٣) الاستيعاب : ج ٣ ص ٣٨.
(٤) الجامع الصغير للسيوطي : ج ١ ص ٣٧٤.
(٥) البحار : ج ٤٠ باب ٩٣.