الخليفة ظالما استدلّ بظلمه على ظلم مستخلفه ، وإذا كان عادلا استدلّ بعدله على عدل مستخلفه ، سيّما مع علم المستخلف واطّلاعه بما يصدر عن خليفته من الأفعال والآثار وعلمه بعواقب أموره وقدرته عليه في جميع الأحوال.
ومن هنا يظهر انّ خلافة الله سبحانه توجب العصمة فلا يكون الخليفة إلّا معصوما سيّما مع جعله علما بين الناس وأمرهم بالاقتداء والتأسّي به في جميع الأفعال والأقوال ، فإذا صدر عنه بعض المعاصي ولو خطأ فإمّا أن تكون الخلافة الكلّيّة الّتي جعلها الله له باقية بالنّسبة إلى تلك المعصية ايضا أو لا ، فعلى الأوّل يلزم الأمر بالمنكر ونقض الغرض والإغراء على المعاصي ، وغير ذلك من المفاسد المخالفة للطفه سبحانه ، وعلى الثّاني يلزم انتفاء الخلافة له بالنسبة إلى ذلك من دون إعلام وبيان من الآمر الحكيم وفيه مع مخالفته للّلطف انّه إغراء بالجهل وتأخير للبيان عن وقت الحاجة مع طريان الاحتمال في كلّ واحد من الأقوال والأفعال الموجب للقدح في اطلاق وجوب الطّاعة فيكون إطلاق الأمر باطاعته جاريا مجرى العمومات المخصّصة بالمجملات في عدم الحجيّة رأسا.
ثمّ انّ هذا الوجه وان لم يستفد من الآية على وجه الإلزام والحجّيّة إلّا أنّه يستفاد منها على وجه الإشارة على بعض الوجوه المقرّرة في الآية باعتبار معنى الخلافة وغيرها لكنّه لا بأس به بعد استفادته من تسميته هدى في قوله : (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً) (١) على أحد الوجوه ، ومن قوله : (لا يَنالُ عَهْدِي
__________________
(١) البقرة : ٣٨.