فيها هو البشر كما عن جماعة من المتكلّمين والتفصيل بان ما يحتاج إليه في التفهيم والتّفهم بان هذا موضوع لذلك يكون بتوقيف الله سبحانه والباقي من البشر باصطلاح منهم وتوقف العلامة وبعض الأصوليّين وتمام الكلام في ادلّة الأقوال موكول إلى الأصول ، وكذا الكلام في أنّه ليس للنّزاع ثمرة علميّة وانّ محلّه هو الحقيقة اللغوية الاصليّة لا مطلق الحقيقة ضرورة انّ الواضع في الأعلام الشخصيّة والحقائق العرفيّة العامة والخاصة منقولة كانت او مرتجلة هو البشر ، ولذا قيل إنّه يلزم من ذلك تخصيص العموم في قوله : (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها) ، بالحقائق اللّغوية او بالحقائق المبتدئة فانّ تعليم الأسماء لا يستلزم تعليم جميع معانيها بل يصدق بتعليم البعض ايضا.
بقي الكلام في أنّ الاختلاف في المقام مبني على ما هو المشهور بين العلماء الأعلام من أنّ دلالة اللّفظ على المعنى بواسطة الوضع له ، وامّا على القول الاخر المحكي عن عباد (١) بن سليمان الصّيمري وجمع من المعتزلة واهل التكسير من أنّ دلالته طبيعيّة ناشية عن ذات اللّفظ من دون توسّط الوضع والنزاع ساقط من أصله ، إلّا أنّ هذا القول في أصله بمحلّ من السقوط ضرورة انّه لو كانت الدّلالة ذاتيّة لامتنع اختلافها باختلاف الأمم والأصقاع والأزمان ، مع انا نرى اللفظ الواحد حقيقة في معنى عند قوم او في زمان وفي معنى آخر عند غيرهم ، او في زمان أخر بسبب طروّ الوضع وغلبة الاستعمال وايضا كان يلزم ان يحصل العلم بالمعاني بملاحظة الألفاظ في جميع اللّغات ولم يعهد حصوله لاحد ولو ممّن يدّعي ذلك
__________________
(١) هو ابو سهل عباد بن سلمان البصري المعتزلي. سير اعلام النبلاء ج ١٠ ص ٥٥٢.