طرق الفريقين في تتمّة الخبر ما يسقط معه الاستدلال على مثل هذه الأوهام.
ففي «التوحيد» و «الاحتجاج» و «العيون» عن الحسين بن خالد قال : قلت: للرّضا عليهالسلام : يا ابن رسول الله انّ النّاس يروون أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : إنّ الله خلق آدم على صورته فقال : قاتلهم الله لقد حذفوا أوّل الحديث إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله مرّ برجلين يتسابّان ، فسمع أحدهما يقول لصاحبه : قبح الله وجهك ووجه من شبيهك فقال عليهالسلام : يا عبد الله لا تقل هذا لأخيك ، فانّ الله عزوجل خلق آدم على صورته (١).
وروته العامّة عن الزهري عن الحسن (٢) ، مع انّه قد يقال إنّ في الخبر وجوها أخر أيضا مثل ما قيل : من انّ الضمير راجع إلى آدم عليهالسلام دون الله تعالى فيكون المعنى انّه خلقه على الصورة الّتي قبض عليها ، فانّ حاله لم يتغيّر في الصورة بلا زيادة ولا نقصان ، او إلى الله سبحانه ويكون المعنى انّه خلقه على الصورة الّتي اختارها واجتباها ، لأنّ الشيء قد يضاف على هذا الوجه إلى مختاره ومصطفاه أو انّ المراد بالصورة الصفة من كونه سميعا بصيرا متكلّما قابلا للاتّصاف بصفاته الجماليّة والجلاليّة ، او انّ المعنى أنّه سبحانه أنشأه على هذه الصورة الّتي شوهد عليها على سبيل الابتداع والاختراع وانّه لم ينقل إليها من صورة اخرى كما جرت العادة في البشر من كونه نطفة وعلقة ومضغة وغيرها من الأطوار الطّارئة عليه خلقا من بعد خلق ، او انّه خلق آدم وخلق صورته لينتفي بذلك الشك في أنّ تأليفه من فعل غيره لأنّ التأليف من جنس مقدور البشر وانّ خلق الجواهر هو الذي ينفرد
__________________
(١) الاحتجاج ص ٤١٠.
(٢) البحار ج ٤ ص ١٤ عن تنزيه الأنبياء للسيّد المرتضى.