واعلم أنّه قد استفيد من تضاعيف الأخبار المتقدّمة وغيرها أنّ السجود من العبادات المختصة به سبحانه لا ينبغي إشراك غيره معه فيه ، فما يفعله بعض الزائرين للنّبي صلىاللهعليهوآله او الأئمّة المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين ينبغي منعهم والإنكار عليهم ، لأنّ الله تعالى يحبّ أن يعبد من حيث شاء وأراد وأمر ، ولم يرد الأمر بهذا النحو من التعظيم لغيره سبحانه ولو للأنبياء والأولياء.
واما ما يتخيّل من انّ السجود لهم عليهمالسلام على أبوابهم وأعقابهم زيادة في تعظيم الله وعبادته ، باعتبار انّ وقوعه منه إليه إنّما هو لقدره وشرفه ورتبته عند الله تعالى ، فالسجود له حينئذ زيادة في تعظيم الله وتعظيم شعائره ففيه أنّه استحسان وهمي لا ينبغي الاعتماد عليه في الأمور التوقيفيّة الشرعيّة ، وقد استدلّ بمثله المشركون وأجاب عنهم النّبي صلىاللهعليهوآله بما لا مزيد عليه في خبر الاحتجاج والتفسير مضافا إلى ورود النّهي عنه في غير واحد من الأخبار الّتي مرّ شطر منها بل وعليه يحمل النهى في الصحيح المروي في العلل عن ابي جعفر عليهالسلام قال صلّ بين خلال القبور ، ولا تتّخذ شيئا منها قبلة فإنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله نهى عن ذلك وقال : لا تتخذوا قبري قبلة ولا مسجدا فانّ الله عزوجل لعن الّذين اتّخذوا قبور أنبيائهم مساجد (١).
ثمّ انّ ظاهر الجمع المحلى في المقام كون المأمورين جميع الملائكة العلويّة والسفليّة حتّى جبرئيل وميكائيل وغيرهما من المقرّبين ، ويؤيّده قوله في موضع آخر (فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ) (٢) بل في فضائل الشيعة للصّدوق عن
__________________
(١) الفقيه : ج ١ ص ١٢٤.
(٢) سورة ص : ٧٣.