تحقّق قطعا ، وان كان ربما يصدق بتحقّق البعض ايضا ، نعم لو كان التّصديق اللّساني مقترنا بالعزم القلبي على إنشاء الكفر وإظهاره فيما بعد لم يبعد القول بعدم تحقّق الإيمان رأسا ، ولعلّ الأولى تنزيل القول بالموافاة على ذلك ، سيّما ما نسبه في «المجمع» إلى مذهبنا الظّاهر في نسبته إلى الاماميّة المشعرة بدعوى الإجماع عليه ، إلا أنّ مساق كلماتهم يأبى عن ذلك ، بل الظاهر منها أنّه مع خلوص إيمانه واقترانه بكلّ ما يعتبر اقترانه به لو اتّفق منه الكفر في آخر عمره بحيث قد مات عليه فلا يعد إيمانه ايمانا أصلا ، لظهور الكاشف عن عدم كونه إيمانا في الحقيقة ، وهو كما ترى مخالف لظواهر الأدلّة ، بل ربما يمكن تحصيل القطع على خلافه وأين هذا مما أدعى الإجماع على صحته ويمكن أن يكون المراد أنّ من ختم له بالكفر فحكمه في الخلود وسائر الأحكام حكم الكفّار ، وإن كان في اكثر عمره مقيما على وظائف الإيمان ، كما أنّ من ختم له بالإيمان فهو محشور في زمرة المؤمنين مبشّر بخلود الجنان ، وان انقضى عمره في الكفر والطّغيان ، وهذا ايضا لا بأس به ، بل هو المستفاد من ظاهر الآيات والاخبار ، كما أنّ المستفاد منها كونه في حال الايمان مؤمنا على الحقيقة ، وفي حال الكفر كافرا على الحقيقة ، نعم الختم بالكفر يوجب حبط الأعمال الصالحة وبطلانها ، أو كون المجازات بها في هذه الدّار الفانية ، ولذا يخاطبون في الآخرة بقوله : (أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِها فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ بِما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِما كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ) (١) ، كما أنّ الختم بالإيمان يوجب تكفير السّيئات ، فإنّ الإسلام يجبّ ما
__________________
(١) الأحقاف : ٢٠.